العدد 16 من ‘الإمارات الثقافية’ يحتفي بمحمود درويش وسؤال الحداثة

الوكيل - لا ينتظر القارئ كثيرا من المجلات الرسمية والوطنية، فما يغلب عليها عادة هو المحافظة والرصانة، الا انها تلح على الاسئلة الضرورية غالبا، وتذكّر بالشخصيات الثقافية الوطنية الاصيلة،او التي احدثت تحولات في الثقافة الوطنية والعربية، والتي تنفر منها المجلات المعاصرة المهمومة بالنجوم المصنوعة في علب الاستديوهات، مسبقة الصنع. والتاريخ له مصادفات، ومن محاسنها ان يتوافق على ذكرى رحيل ثلاثة من كبار المبدعين العرب هم طه حسين، محمود درويش وغسان كنفاني’ التي احتفت بها المجلة.اضافة اعلان

ربما يكون غسان كنفاني اكثر هؤلاء الثلاثة رسوخا في الارض، واقلهم قلقأ، لانغماسه بالهم الفلسيطني وشجون الاحتلال . فقد عاش طه حسين مضطربا ومشغولا بهمّ التحديث ومفتونا بحداثة الغرب، كما فتن سلفه ابو العلاء المعري بالاسئلة العقائدية، وقد عرض رئيس التحرير، رياض نعسان اغا ملخصا لحياة وادب ورسالة من اطلق عليه الغرب لقب ‘عميد الادب العربي’، فهل كان يستحق اللقب مع مجايلين منافسين كانوا يشتهون شي لحمه على السفود!. توقعت ان يحاول الكاتب تجلية مناطق مجهولة من حياة وسيرة الكاتب الذي اطلق لقب عليه ‘قاهر الظلام’، وصاحب مقولة: أن نسير سيرة الأوروبيين ونسلك طريقهم، لنكون لهم أنداداً، ولنكون لهم شركاء في الحضارة، خيرها وشرها، حلوها ومرها، وما يحب منها وما يُكره، وما يُحمد منها وما يُعاب’.. يبقى ان مطالعة رئيس التحرير طيبة وجذابة، فهو يمزج السيرة الذاتية لكاتب المقال بتواريخ وطنية وشخصية، الا انها لم تنر جديدا في حياة قاهر الظلام، والذي يصفه مستشرقون بقاهر الاسلام! طه حسين اديب يمثل التحولات العربية ومأزق التحديث العربي، ويعكس مخاضها الصعب في انكفاء التاريخ واضطراب الجغرافيا المصرية وحيرتها بين افريقيا واوربا والمشرق.
سؤال الحداثة والتحول يتجلى ايضا في مقال الكاتب الدكتور مسعود ضاهر ‘اضواء على الحداثة اليابانية التي استطاعت الحفاظ على الاصالة والتفوق على الغرب او موازته في الحداثة وانتاجها ايضا الكاتب يعدد اسباب نجاح التجربة اليابانية:
في نظام التعليم العصري، واحترام فردية الانسان، وتنمية التلميذ، وتشجيع الطلب على حل مشاكلهم من غير تدخل جهات سلطوية وترسيخ قيم الاحترام المتبادل. وعدم الاخلال بين متطلبات الفرد والمجتمع.
الا ان السؤال ذاته يأخذ شكلا افتخاريا وتمجيديا وتوضيحيا في مقال مصطفى يعقوب عبد النبي الذي يكشف جوانب من عصر النهضة الاوربي الذي يسميه ‘عصر السطو على العلم العربي’ عائداً الى كتاب زيغريد هونكة (شمس العرب تستطع على الغرب) واسمه الاصلي ‘شمس الله تسطع على الغرب’ وبالرجوع الى كتابات علي فهيم خشيم سنعلم ان الحضارة الاغريقية هي حصارة عربية مسروقة، بدليل تصاحف اللغة الاتينية والعربية ـ فلا شيء كاللغة يحفظ التاريخ.
وقد اختارت هيئة التحرير أن يكون ملف العدد الشاعر الفلسطيني محمود درويش وهو من إعداد مدير التحرير د.محمد فاتح زغل. وهو ملف يغلب عليه الجانب الادبي، الامر الذي يمكن ان يحول المجلة المنوعة الى مجلة مختصة، لكن ما يخفف عنه هو ان محمود درويش شاعر معروف ومقروء. وفي العدد مقالات ممتعة كمقال نبيل سليمان ‘ما تبقى لكم من غسان كنفاني’ ونحو ثقافة عربية لخير الدين عبد الرحمن.
في هذا الملف: التسمية وفضاء العمق لمحرز ثابث، محمود درويش وتحولاته الشعرية لفخري صالح، عندما يلاعب الخطاب السردي التصوير الشعري لوناسة نصراوي، الشعر في كل خياراته لصلاح بوسريف، وطني حقيبة أو أمكنة محمود درويش الشعرية لعبدالسلام المساوي، مستويات الذات في شعر درويش لرضا عطية، الشعرية الغنائية عند محمود درويش لرشيد الخديري، الموت كلعبة شعرية لسامح عكوش، على هذه الأرض مايستحق الحياة لمحمد علام.
وفي باب فكر مقالات لـ : رياض نعسان آغا، مصطفى يعقوب عبدالنبي ،خير الدين عبدالرحمن (نحو ثقافة عربية)، هناء خليف غني، مسعود طاهر (اضواء على الثقافة اليابانية)
وفي باب تشكيل: عن جون كوك لفواز ناظم، غرائبية الشكل والمضمون عند جلال لقمان لمحمود شاهين، وصور هامشية لمدينة تنتظر لياسر سلطان.
وفي أدب ونقد كتابات لـ: داليا فهمي، نبيل سليمان (قراءة في رواية ما تبقى لكم) هويدا صالح، رشيد وديجي، يوسف حطيني، نعيمة حسن، حسن بن محمد، عزت عمر (قصيدة الحداثية الامارتية)، أحمد ماجد (قراءة في تجربة الهجرة الى الغرب)، محمود أبوزيد، خلف أحمد قصص قصيرة جدا لحسن البطران، قصة قصيرة لأحمد مودن، قصيدتان لمحمد بلمو، والحبيب دربال.
وفي باب سينما: عن الصورة السينمائية تأصيل المفهوم لفؤاد زويريق، الجريمة والعقاب لدوستوفيسكي لمانيا سويد، ومادة لطيفة عنوانها دراكولا بين الادب والسياسة لخلف احمد محمود ابو زيد، و’مصيدة الفئران’ أطول عرض مسرحي في العالم لحسن بن محمد، ناجي الحاي مغامر يعيش حالة قلق مسرحي .
وفي باب حضارات كتب ادريس علوش عن قسطنطينة، وصديق محمد جوهر عن ملابس النخب في المشرق العربي، وحسونة المصباحي عن بليزس والكتابة المغامرة، والصفحة الوداعية ‘بالدهشة نحيا’ لمريم ناصر.

كاتب من سورية