المسيحيون .. الأقليات والوطن!

نتابع ما يكتبه مفكرون وكُتّاب معروفون في لبنان، عن اهتماماتهم وقلقهم على مسيحيي المنطقة، وخاصة في العراق وسوريا ولبنان، رغم أنها تعيش ربيع الديمقراطية العربي، وهو افتراض يجب أن يؤدي إلى الدولة المدنية التي تقوم على حقوق الإنسان، وإلغاء تصنيف المواطن بين مسيحي ومسلم، وعلوي، وكردي، وسُنّي وشيعي وإسماعيلي ودرزي. فهذا الموازييك الإنساني هو نتيجة حياة إنسانية تمتد من مصر القديمة إلى الآشوريين والبابليين والفينيقيين والعرب والسلجوقيين والأتراك والبربر.. بحيث انها سابقة للأديان والتصنيفات العرقية.اضافة اعلان

ولعل المجلس الوطني السوري المُعارض علق في برج بابل العربي، فانتخب لرئاسته على التوالي الدكتور سيدا الكردي، ثم السيد جورج صبرا المسيحي، وذلك لسبب واحد هو هروب القوميين العرب من العنصرية، وهروب الإخوان المسلمين من التعصب الديني.
ولعلنا في الأردن لنا سلوكيتنا الحضارية منذ ان انشأ عبدالله بن الحسين هذا الكيان, فقد تعامل مع الجميع على اعتبار ان الدولة دولة المجتمع المدني, وأعطى للجميع صفة الحضارة الإسلامية, واعتدال دين الأكثرية. فلم يشعر المسيحي أو التركماني أو الشركسي أو الشيشاني بأنه أقليّة. وكان دائماً جزءاً من نسيج وطني له قيمه العربية والإسلامية.
لم تكن إمبراطورية الدولة الأموية أو العباسية قوة متعصبة, رغم أن قادتها حملوا لقب أمير المؤمنين وخليفة رسول الله, ذلك أن الدين هو دين الوسطية. وحين انتقل طارق بن زياد إلى إسبانيا فإن تلك البلاد قبلت بترحيب واضح الحكم العربي لأنه انقذ الشعب من عصر الاقطاع, ووزع الأرض على من على الأرض وأعطاه غلتها وأخذ خراجها.. ولعل دارسي التاريخ من العرب لم يتنبهوا لظاهرة الحكم العربي في أوروبا اذ كان للشعب حرية العبادة فاحتفظ بدينه ومارس شعائره, في حين ارتفعت في مدن اندولسية جوامع قرطبة وطليطلة والحمرا.. وقصور الخلافة المغتربة. فكان الفتح العربي – البربري المشترك للأندلس فتحاً حضارياً، انشأ دولة المجتمع المدني بعمامة على الرأس!!
هنا في الأردن أقيمت دولة مدنية، وفي العراق كذلك، فقد كان فيصل بن الحسين مقبولاً من الشيعة لأنه حفيد علي بن أبي طالب، ومقبولاً من السُنّة لأنه سُنيّ، ومقبولاً من الأكراد لأنه عربي معتدل متحضر.
ولعل مسؤولية المفكر الأردني المسيحي أن يضع أمام القلقين من مسيحيي المنطقة، تجربة أردنية عظيمة!!.