الخميس 2024-12-12 04:39 م
 

الملك يوزع المهام

07:48 ص

-في الخطاب الذي افتتح به أعمال الدورة الأولى لمجلس الأمة، انتقل الملك من عرض العناوين لخطة الإصلاحات إلى شرح التفاصيل، وتوزيع المهمات على السلطتين التشريعية والتنفيذية، وبيان شكل العلاقة بينهما في المستقبل.صار واضحا ما هو المطلوب؛ حكومة تمثل أغلبية برلمانية، تقابلها معارضة بمثابة حكومة ظل. والأولويات التشريعية محددة للبرلمان، وفي المقدمة قانون الانتخاب، إلى جانب سلة من القوانين يطالب عموم الأردنيين بإقرارها أو تعديلها. فوق ذلك، يتعين على مجلس النواب أن يكون حاضنة للحوار الوطني حول مجمل القضايا المطروحة للنقاش. وقبل ذلك، سيكون مجلس النواب أمام مهمة ملحة يتوقف عليها مستقبل العمل البرلماني، وهي مراجعة النظام الداخلي للمجلس، وتطويره، بما ينسجم مع متطلبات الأداء المؤسسي.المعارضة البرلمانية ينبغي عليها أن تلعب دور الرقيب على حكومة الأغلبية، وتراقب الأداء وتحاسب على الأخطاء، مثلما هو الحال في كل الأنظمة الديمقراطية.الخطوط العريضة لمهام الحكومة الجديدة أصبحت هي الأخرى واضحة، وعنوانها الأبرز ثورة بيضاء لتطوير أداء مؤسسات القطاع العام، واعتماد الاستراتيجيات ومبدأ التشاركية صعودا إلى الأعلى نهجا للعمل، ومنح الأولوية لخطط تنمية المحافظات بالشراكة مع القطاع الخاص، والتواصل الميداني مع المواطنين والوقوف على حاجاتهم. وبخلاف ذلك، فإن النواب سيكونون عرضة للمساءلة من القواعد الشعبية، ومطالبتهم بسحب الثقة من الحكومة أو أحد الوزراء، كما قال الملك.في التطبيق العملي، لا تبدو الأمور بهذه السهولة، وطريق الإصلاح لن تكون مفروشة بالورود أمام الطامحين إلى التغيير. فما تزال هناك قوى تشدنا إلى الخلف، وأخرى تريد الالتفاف على عملية الإصلاح، وطرف ثالث لا يؤمن بعد باستقلال السلطات.لكن، بات من الضروري أن تدرك كل تلك الأطراف أن نجاح خطة الملك الإصلاحية مرهون باحترام إرادة النواب الحرة، وعدم التدخل في شؤون المجلس كما كان يحصل من قبل. وفشل التجربة الحالية؛ برلمانا وحكومة، سيكون مكلفا للغاية.تميل الأغلبية من المواطنين إلى منح المجلس الجديد وتجربة الحكومات البرلمانية الفرصة الكافية. ويبدو ذلك جليا من حالة الترقب والمتابعة الحذرة للخطوات الأولى للنواب، ما اتصل منها بتشكيل الكتل وانتخابات رئاسة المجلس، وما سيتلوها من مشاورات لاختيار رئيس الوزراء والفريق الوزاري.وبالنسبة لمعظم المواطنين، فإنهم لا يملكون تصورا عن الخطوات المقترحة لتطوير الحياة السياسية والآليات المعتمدة، لذلك نجدهم لا يكفون عن طرح الأسئلة حول العناوين المطروحة، وفي أحيان كثيرة إثارة الشكوك حول صدق النوايا.بهذا المعنى، فإن عملية الإصلاح برمتها أمام اختبار شعبي مصيري، لا يمكن اجتيازه بنجاح بدون تسليم القوى المؤثرة كافة بقواعد اللعبة الجديدة، والإيمان بأهداف الخطة الإصلاحية والانحياز التام لها.حلفاء وأصدقاء الأردن الخارجيون لم يعودوا قلقين عليه كما كانوا قبل الانتخابات النيابية، وثمة انطباع بأن هناك تجربة جديدة تضاف إلى تجربة المغرب في الإصلاح السلمي بدون الحاجة إلى ولوج طريق الثورات المعبدة بالدماء والفوضى. لكن هذا البعد على أهميته ليس كافيا إذا لم يقابله نجاح مماثل على المستوى الداخلي، وكسب ثقة وتأييد الأغلبية الساحقة من الأردنيين.

اضافة اعلان

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة