الأحد 2025-01-19 05:09 ص
 

تفوّق علمي أردني عالمي وإحباط محليّ

10:23 ص

للعام السادس على التوالي يحقق الطلبة الأردنيون نتائج متميزة في مسابقة “إنتل” الدولية للعلوم والتكنولوجيا التي تنظم في الولايات المتحدة وتشارك فيها حوالي 70 دولة في العالم ويعرض فيها الطلبة مشاريعهم وأفكارهم العلمية. الأردن كان حاضرا بشكل كبير في هذه المسابقة وحصل على الترتيب السابع عالميا. الطلبة الفائزون في المسابقة لهذا العام كانوا من المدارس الخاصة المتطورة علميا ولكن المقتصرة على المقتدرين ماليا. ولكن في السنوات الماضية تمكن طلبة من مدارس حكومية ايضا من تحقيق انجازات كبيرة والوصول إلى مواقع متقدمة في المسابقة الدولية المعروفة. اضافة اعلان


وفي دولة متقدمة ذات بنية علمية إنتاجية، يتم دعم هؤلاء المبدعين من قبل الحكومات والقطاع الخاص لتحويل أفكارهم التجريبية إلى تقنيات قابلة للتطوير والاستثمار الاقتصادي وكذلك حماية حقوق الملكية الفكرية لهؤلاء المبدعين، ولكن لا يوجد لدينا في الأردن أي نظام فعال لدعم الإبداع العلمي بالرغم من التميز العالي للمتعلمين الأردنيين في شؤون العلم والتقنيات الحديثة. هؤلاء الطلبة الفائزون على مستوى محلي وعالمي يجب أن تتاح لهم فرص الدخول إلى الجامعات الأردنية والدراسة فيها على حساب بعثات ومنح خاصة. ما يحدث هو أن الفائزين من المدارس الخاصة يدرسون في الغرب والفائزين من المدارس الحكومية يعجزون أحيانا عن تأمين مصاريف الجامعات المحلية وتذهب المنح لأشخاص لا يستحقونها ولكنهم يتمتعون بالنفوذ السياسي والاجتماعي.

نحس بالكثير من الأسف ونحن نشاهد أساتذة وباحثين وطلبة لا يعوزهم الذكاء ولا الإبداع ولكن تعوزهم القدرات المادية وهم غير قادرين على تحقيق طموحاتهم والاستفادة من هذه الأفكار وإفادة البلد بها، بينما يتم استيراد الخبراء من الدول الأجنبية وحتى بعض الدول النامية الأقل مكانة من الأردن لتقديم حلول للأولويات التنموية والعلمية بالرغم من وجود الكفاءات المحلية الكثيرة.

معظم الدول النامية التي شهدت نهضات اقتصادية فعالة اعتمدت على العلوم والتكنولوجيا والإبداعات المحلية، ومنها كوريا وماليزيا والهند ومعظم دول أميركا اللاتينية، وقامت هذه الدول من خلال الحكومات والقطاع الخاص بتوفير بيئة تشريعية واقتصادية وعلمية مناسبة للإبداع، واستثمرت الكثير في مجالات علمية مفيدة للاقتصاد الوطني، وبقيت هذه البنية العلمية مصدرا لا يستنفذ للإصلاح والتطور.

لا يتعدى الإنفاق على البحث العلمي في الأردن 0,4% من الناتج القومي وهي نسبة هزيلة، بينما تصل نسبة الإنفاق على البحث العلمي من قبل القطاع الخاص إلى 1% فقط وتتركز فقط في مجالات صناعات الأدوية وبعض مجالات تكنولوجيا المعلومات، ويبدو القطاع الخاص الأردني غائبا تماما عن البحث العلمي في المجالات ذات الأولوية القصوى في الأردن مثل تقنيات تحلية المياه وترشيد الاستهلاك في مجالات الطاقة وتطوير مصادر الطاقة المتجددة.

عندما يصبح الاهتمام بالباحثين العلميين في الأردن مساويا للمطربين الفاشلين وأشباه المثقفين يمكن الادعاء بوجود بنية علمية متطورة وقابلة للمنافسة عربيا ودوليا على الأقل مع الدول النامية التي سبقتنا أشواطا في هذا المجال، وسيقل الاعتماد المبالغ فيه على الباحثين والخبراء المستوردين الذين لا يهمهم إلا الحصول على أموال المساعدات الأجنبية، وهذا من أهم أنواع سياسات الاعتماد على الذات التي يجب على الحكومة أن تطبقها.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة