الأحد 2024-12-15 01:06 م
 

ثنائيات تحت الرماد

08:44 ص

حين يرى العالم كل هذا القتل بين المسلمين، اذ يذبحون بعضهم البعض، لن يقاوم الفكرة التي يراد ايصالها، اي ان جوهر المشكلة في الدين ذاته، لا في اولئك الذين يعتنقونه او يفسرونه كيفما يريدون.اضافة اعلان

لو كانت لدينا احصائيات، لاكتشفنا ان موجة الاقبال على اعتناق الاسلام انخفضت الى حد كبير، هذا فوق الفتنة التي تتلبس المسلمين ذاتهم اذ يرون كل هذا القتل، وتجعل بعضهم ينقلب على عقبيه، فيفرون الى الحياة، بكل ملذاتها ردا على هذا الموت المجاني.
كيف يمكن توليد كل هذا القتل المقدس بين المسلمين، فحوادث القتل والتفجير والذبح منذ العام 2003 وهي تتصاعد على اساس وطني او مذهبي او عرقي او ديني، من تفجيرات اجرامية في العراق وصولا الى مانراه من تفجيرات اجرامية للمساجد في السعودية.
يراد اقناعنا ان هذا هو الاسلام، قتل مقدس مغطى بفتاوى دينية، تجعل من يقتل في قمة الرضا على حاله ومآله، وهانحن نسمع كل انواع التراشقات، في الاعلام، رافضة وناصبة، مسلمين ومسيحيين، وغير ذلك من ثنائيات يتم الاتكاء عليها في توليد شرارات هذه المذابح، ولنضع ايدينا على قلوبنا على بقية «الثنائيات الكامنة» تحت الرماد ولنتظر ساعة النفخ فيها.
حسنا.اذا كانت هناك اطراف ثالثة تولد هذه الفتن لتدمير العالم العربي والاسلامي، فلماذا لاتنجح عمليات التوليد الا عندنا، هل سمعنا عن قدرة كل عالم العرب والمسلمين، على توليد فتنة دموية بين مكونات الكنديين او الاستراليين او الاميركيين .بالطبع لا. لان هذه الكيانات تطبق معايير عادلة في حياة مجتمعاتها، ولا تراكم المظالم، ولا تقدم نسخا متطرفة للحياة، بل تجعل العدالة من جهة، والوعي من جهة اخرى، سببا في رد اي محاولة للتسلل.
الكارثة لدينا اننا الامة الوحيدة التي يظن بعضنا فيها، ان القاتل سيذهب الى الجنة، ويظن بعضنا الاخر ان القتيل سيذهب الى الجنة. والكل ينساق بسرعة للثأر ولرد الفعل.
لم يبق مكان لعاقل، ومازال بعضنا يتعارك على خلفية قصة حدثت قبل 1400 سنة، ولو كان اصحابها هنا اليوم، لطلبوا منا كف السنتنا، وسيوفنا ايضا، حين يهرق كل هذا الدم على اساس مذهبي بائس، فتموت الشعوب، ويتم هدر الثروات، ويتم تدمير الحياة، باسم الله وهذه الاخيرة بحد ذاتها مصيبة كبرى، فما علاقة رب العالمين بكل هذه الدموية، فالله عز وجل ليس الها للقتل والتذبيح والتفجير، وماعلاقتنا كلنا بقصة حدثت قبل 1400 سنة، حتى ننقسم على اساسها، ونذبح بعضنا على اساسها؟!.
المسلمون يذبحون بعضهم البعض، والكلام عن المؤامرة، مصيب جزئيا، لكننا نمتلك الاستعداد في الاساس لهذا الدور، استعدادا تم توليده نفسيا جراء الاحقاد والمظالم والتجهيل، وتمت تغطيته بنصوص تعارض نصوصا اخرى تمنع القتل والتقتيل.
ما لعدونا من حاجة هنا، سوى التفرج، فنحن ننتحر يوميا، تحت مسميات مختلفة، والعالم يتفرج علينا، يرسل لنا الرصاصة وحبة الدواء وكاميرا توثيق الجريمة، ويترك سمعتنا لتنهار يوما بعد يوم، وبتنا مجرد جراد كوني، بحاجة الى مكافحة حتى يسلم العالم.
ثم كم تبقى من فكرة «الدعوة الى الاسلام» في هذا الزمن، مع كل هذا الذبح والتشويه، وكم سيجهد الذين يدعون للاسلام، حين يخاطبهم المستمع باستدعاء كل هذه المذابح الدموية، التي يتم اسنادها للاسف الى مراجع دينية تمنحها قوة وقداسة؟!.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة