الخميس 2024-12-12 08:50 ص
 

.. حماية الأقليات!

08:51 ص

سيجد الرئيس أوباما أن حماية الأقليات بالطرق العسكرية غير مجدية.. حتى لو استعمل القوات البرية. ومع أن الأميركيين لا يقرأون التاريخ لانهم غير معنيين به، وان معرفتهم بالشعوب التي ساكنتهم لا تتعدى احلام الكاوبوي، ومذابح الهنود الحمر، فإن «اقليات» الهلال الخصيب تعرّفت الى الصراعات الداخلية حين كثر حماة الأقليات. ودون أن نذهب بعيداً فإن عام 1864 حمل للبنان كوارثه وحروبه الأهلية التي امتدت حتى عام 1975 - وما تزال؟-على يد حماة الموارنة في فرنسا، وحماة الدروز في بريطانيا و»حماة» المسلمين في الحكم المتخلف العثماني. وحين ثار العرب من أجل تحررهم ووحدتهم في مطلع هذا القرن، انتهت صراعات الاقليات، الى ان استعان الفرنسيون لتبرير احتلالهم للساحل اللبناني ثم للبنان وسوريا بايقاظ التحالف القديم، فبدأت «العرائض» المنطلقة من الجبل تطالب فرنسا بالحماية، في وجه الدولة السورية الحديثة.. دولة فيصل بن الحسين، وهي دولة التمدن والحداثة التي حرّمت استعمال كلمة «اليهود» واستبدلتها بكلمة الموسويين.. باعتبارهم مواطنين يعيشون في بيروت ودمشق والقدس!!.اضافة اعلان

ان السلوك المشين لجماعات داعش كان جزءاً من السلوك الأميركي المشين في تدمير العراق واحتلاله. وايقاظ العنعنات المذهبية في أرجائه: السُنّة والشيعة، العرب والأكراد والتركمان، الآشوريون واليزيدون والصائبة، فهذه المذاهب لم يكن لها مكان في الدولة التي صنعها فيصل بن الحسين، ورفاقه الثوار العرب الذين خرجوا بعد ميسلون، وعادوا الى العراق بانتظار.. فيصل!!.
حين صار الملك المنتخب - وهذه صفة حقيقية - قائد معركة بناء الكيان العراقي، كان رئيس وزرائه الأول السيد الجيلاني، وكان في الثمانين وكان وزير ماليته يهودي، ومؤسس جيشه الفريق نوري السعيد الذي عاش ومات ولا يعرف احد ماذا كان مذهبه الديني: سني او شيعي او كردي، وحين انطفأ الضوء في ثورة العسكر واطيح بالنظام الملكي كان رئيس الوزراء جمال بابان الكردي.. ولم تكن هناك محاصصة!!.
تدمير العراق واحتلاله لم يقف عند تدمير الدولة، وتفكيك جيشها، وامنها، وهياكلها الادارية.. وانما طال وحدته الاجتماعية.. فكان دستور بريمير الفيدرالي الذي لم يكن دستوراً في كل الاحوال وانما قاعدة متصلة لفكفكة المجتمع العراقي ووضعه على طريق صراع مذهبي عرقي مستمر. وما ظهور داعش بهذا الحجم، وانهزام الجيش والذي صنعوه للعراق، الا نتيجة طبيعية لذوبان لحمة المجتمع العراقي، وتحويل قوة الشعب العراقي الى حالة من التيه والتفسخ!!.
ستقصف الطائرات العراقية، وربما سيجد الاميركيون والإيرانيون رئيس وزراء من صنف المالكي، ولكن الدولة العراقية لن تعود الى ما كانت عليه، وحتى نفهم معنى الدولة علينا ان نتابع خوف الناس من سيطرة داعش على اكبر سد في الشرق الاوسط.. سد الموصل، ورعب الناس من افتقاد ماء الشرب في جنّة الماء بين الرافدين وحولهما، وافتقاد الكهرباء في بلد النفط والغاز منذ قرن من الزمان!!.
كان وزير الخارجية الأميركي يرفع اصبعه في وجه طارق عزيز في جنيف ويهدده بإعادة العراق الى ما قبل عصر الصناعة. والحقيقة أن ظاهرة داعش اعادت العراق ألف وأربعمائة عام إلى أيام «الفتنة الكبرى» وحرب علي ومعاوية.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة