الوكيل - اشار اساتذة وخبراء في الشأن التعليمي الى اختلالات تواجه نظام المناهج المدرسية للمرحلتين الاساسية والثانوية، والحاجة الملحة التي برزت لتطويرها، والابتعاد عن التلقين والترهيب فيها، مؤكدين ان العالم اصبح يرفض هذه النظريات، وبات يعطي للطفل والطالب العنان للبحث والمعرفة التي لم تعد حكراً على احد.
واعتبروا في حديثهم لـ «الرأي» ان الاجيال التي تجلس الان على مقاعد الدراسة باتت اوعى من سابقاتها، وليس من السهل اقناعها بمعلومات نظرية لا تحاكي واقعهم الذي يقترب من التطبيق في كل مناحيه.
المناهج الاردنية والتي لم يطور عليها جذرياً منذ 5 سنوات على الاقل باتت بحاجة الى وقفة وطنية من كل المؤسسات لاعادة الاعتبار الى النظام التربوي في المملكة، وتوظيف التكنولوجيا في الحوار والتعليم بما يتناسب مع الاجيال التي اصبحت منفتحة على المعلومة والتكنولوجيا اكثر من اي وقت مضى.
وفي الوقت الذي شهد فيه العالم خلال السنوات العشر الاخيرة تطوراً هائلاً في وسائل التكنولوجيا والتعليم، وما يدور من تغير كبير في القيم المجتمعية وازدياد العنف ومعدلات الجريمة، برزت تساؤلات حول اهمية تغير المناهج وتعزيز قيم الاخلاق بين الطلبة استعداداً لما ينتظر العالم من تغيرات جذرية ستشمل الجميع.
وزير التربية والتعليم السابق، وعميد كلية التربية في الجامعة الاسلامية العالمية الدكتور فايز السعودي اعتبر ان اي قضية تربوية يجب ان لا تعالج كجزئية واحدة ، انما يجب ان تؤخذ كمحتوى واحد يربط المناهج المدرسية بدور المعلم وتأهيله والبيئة التي يعيشها الطالب داخل المدرسة وخارجها.
واكد السعودي انه من الخطأ الفصل بين المنهاج المدرسي وقدرة المعلم على ايصال المعلومة الى الطالب، حيث ان المنهاج مهما كان قوياً سيضعف بين يدي معلم غير مدرب في حين ان المنهاج المبسط قد يثريه المعلم بتطبيقاته العملية وربط المعلومة بالواقع الحياتي للطالب.
كما ربط السعودي بين البيئات التي يعيشها الطالب : بيئة المدرسة ، والبيت، والمجتمع ، مشيراً الى ان ابرز ما يواجه الطالب ويغير مفاهيمه هو ان يجد خلافا بين ما يتلقاه في المدرسة من اخلاق حميدة ، وبين واقع مخالف يراه من والديه في البيت او ما يراه من ممارسات المجتمع، مثل قضايا الصدق والغش وما الى ذلك من قضايا اخلاقية.
وكشف السعودي ان الوزارة ابان توليه منصب وزيرها بدأت العمل على ما يسمى بـ «مجتمع المعرفة» عن طريق تلخيص المفاهيم والقيم التي ستعطى للطالب خلال العام الدراسي في كتيب، واشراك البيت والمؤسسات الدينية والاعلامية بتعزيزها عن طريق الحديث فيها خلال اللقاءات والخطب الدينية لتعزيزها في فكر الطالب، ولكن هذه المبادرة لم ترى النور.
واعتبر السعودي ان الاجيال التي تعيش الان تختلف كثيراً عن سابقها ، فمجال المعرفة واستياق المعلومات اصبح اوسع من ذي قبل ، وان اساليب الضبط والترهيب اصبحت غير مجدية ، وان الطريقة الامثل للتعامل مع المناهج المدرسية هو ان تكون «المعرفة وسيلة وليست غاية»، وان الطالب ليس دوره ان يحفظ ما يلقنه المعلم ، بل باعطائه انشطة صفية وتطبيقها في واقعه الحياتي.
واوضح ان ربط المعلومة بالواقع يجعل المعلومة ذات معنى معرفي وليس نظري، تساهم في حفرها بذاكرته دون نسيان، ويبنى على ذلك اعادة النظر بالمناهج ، وربطها بالانشطة والابتعاد عن النظري لصالح التطبيقي.
واكد ان الاجيال التي تجلس على مقاعد الدراسة اكتسبت قدرات فكرية هائلة بسبب انفتاحهم على التكنولوجيا ووسائل العولمة ، ما جعل التعامل التربوي معهم مختلف ، ويستوجب تطوير المنظومة التعليمية ككل.
واقترح ان تطور المناهج بان تحتوي فقط على المفاهيم الاساسية والتوليدية للمعلومة فقط ، وترك شرحها وبناء مواقفها للمعلم المدرب تدريباً حرفياً لا يقل عن عامين ، يكتسب من خلالها قدرة الاتصال وتوظيف المعلومة بالواقع وربطها بوظائف بيتية لتحفيز فكر الطالب.
وقال السعودي ان التكنولجيا يجب ان لا تحل محل التعليم التقليدي ، انما توظيفها لخدمته ، حيث ان التكنولوجيا تستخدم في سياق تعريف الطالب بالامثلة الواقعية المطروحة سابقاً والتي يصعب تطبيقها نظرياً ، مثل حركة دوران محرك السيارة او الضغط الناتج عن اختلاف الحرارة عبر الرسوم المتحركة بابعادها المختلفة.
مديرة ادارة المناهج والكتب المدرسية بوزارة التربية والتعليم وفاء العبدلات قالت ان الوزارة نفذت خطة لتطوير المناهج المدرسية منذ العام 2003 وحتى العام 2008 سعت من خلاله الى بناء مناهج تقوم على «اقتصاد المعرفة» عبر توظيف التكنولوجيا في التعليم لتهيئة جيل متقدم يواكب التطورات التقنية.
واشارت الى ان الرؤية التي حاولت وزارة التربية توظيفها بجعل الاردن مركزاً لنقل تكنولوجيا المعلومات في الشرق الاوسط، والتركيز على طرق الوصول الى المعرفة من خلال التكنولوجيا باعتبار ان مصادر المعرفة اصبحت متعددة بوجود الوسائل التقنية المتطورة.
واوضحت العبدلات انه بعد العام 2008 بدأت الوزارة عبر الفرق الميدانية بجمع التغذية الراجعة عن التطوير الذي لحق بالمناهج من خلال المشرفين ، وردود افعال اولياء امور الطلبة على هذه المناهج عبر التواصل مع الادارة من خلال الفاكس والاتصالات التي دونت ارقامها على الصفحة الاولى في هذه المناهج.
وكشفت العبدلات ان الخطة الموضوعة حالياً والتي بدأت الوزارة بتنفيذها بتطوير المناهج الدراسية للصفوف الثلاث الاولى (الاول، والثاني ، والثالث) حيث تم تطوير مادة الرياضايات للصف الاول، في حين ستطور مناهج الرياضيات والعربي والعلوم للصفين الثاني والثالث.
واضافت العبدلات ان العام المقبل يتضمن خطة لتطوير مادة الحاسوب للصفين السابع والثامن ، ومواد العلوم (الكيمياء، والفيزياء، والاحياء، وعلوم الارض) للصف التاسع.
وفيما يخص المناهج الدراسية للثانوية العامة، قالت العبدلات ان الوزارة راجعت موضوعات المطالعة الذاتية في كل من مواد الفيزياء والرياضايات والحاسوب، وقررت اعادتها الى الوحدات المطلوبة لاحتوائها على مواد اساسية في البناء المعرفي لطالب الثانوية.
وكشفت العبدلات ان الوزارة بصدد اعادة دراسة الخطط الدراسية ، والنظر بالمسارات والوحدات المطلوبة ، والمواد الاختيارية والاجبارية ، وابرز ما سيأتي بها هو تحويل مادة التاريخ في التخصص الادبي الى مادة اجبارية .
الدكتور خالد الرفوع رئيس قسم التدريب والتأهيل والاشراف التربوي وعضو لجنة تأليف المناهج الاردنية اعتبر ان المنهاج الاردني يكاد ان يكون افضل المناهج التدريسية على المستوى العربي، وان لجان التأليف الاردنية يستعان بها في تأليف مناهج المدارس في مجلس التعاون الخليجي.
ولم ينكر الرفوع ورود شكاوى من اولياء امور الطلبة ان بعض المناهج الدراسية تركز على الجانب النظري والتلقيني للطلبة ، اضافة الى صعوبة بعض هذه المناهج وزخمها لا يراعي الفروقات الفردية بين الطلبة.
وكشف الرفوع ان ابرز التحديات التي تواجه المناهج الاردنية تتمثل بتوحيد بعض المواد المتشابهة مثل الثقافة الاسلامية والعلوم الاسلامية ، والتركيز على التاريخ العربي والاسلامي والتاريخ الاردني المعاصر الذي اعتبره شبه معدوم في هذه المناهج.
واشار الى اهمية الغاء المواد الاختيارية لطلبة الثانوية العامة الفرع العلمي والغاء نظام احتساب اعلى المعدلات في مواد الفيزياء والكيمياء والاحياء وعلوم الارض باعتباره لا يتوافق مع قبولات الجامعة .
واوضح انه من غير المقبول ان يقبل طالب بتخصص الهندسة بعد استبعاد علامة الفيزياء، او قبول طالب بتخصص الطب وقد استبعد من معدله مادة الاحياء.
الاستاذ حسن المومني مساعد مدير احدى المدارس التابعة لمحافظة العاصمة قال ان التعديلات التي طرأت على المناهج لا تتناسب مع التطور التكنولوجي والتغيرات الاجتماعية التي شهدها العالم خلال السنوات الاخيرة.
واضاف المومني ان المرحلة الاساسية تشكل الحجر الاساس في بناء مجتمع شبابي مثقف ومتوازن ، خصوصاً مع الظروف السياسية الصعبة التي تمر بها البلاد العربية ، وان الصراعات الطائفية الدائرة في دول الجوار يجب ان تدق جرس الانذار للتربويين والمشرفين لاخذ خطوة استباقية تعزز التوازن الديني للطلبة.
واعتبر المومني ان ابرز ما يجب بناء المناهج عليه هو تعزيز منظومة الاخلاق الحميدة لدى الطلبة ، خصوصاً فيما نمر به من ازدياد معدلات الجريمة على اختلاف اشكالها ، مشيراً الى ان الطالب في المراحل الاولى اذا ما تشرب الاخلاق بطريقة سلسة وبعيدة عن التلقين ستكون النتيجة جيل مؤمن بوطنه ومجتمعه على افضل وجه.
وضرب مثالاً ما تقوم به المدارس في دول غربية بتعويد الطلبة منذ السنوات الاولى للدراسة بمشاركة مجتمعهم بكل قيم الاخلاق مثل النظافة والصدق ، واحترام المعلم ، ما يفتقده الطالب العربي حين يرى التناقض بين ما يتلقاه والواقع الذي يواجهه بعد تركه المدرسة.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو