الأحد 2024-12-15 12:47 م
 

دراسة عن أسرار تسمية الأمكنة بفلسطين

08:51 م

الوكيل - كشفت دراسة فلسطينية جديدة أن التسميات العربية للمواقع في فلسطين مردها الروايات الشفوية على ألسنة الناس الذين سجلوها دون أي دوافع أو حسابات أيديولوجية، بخلاف التسميات العبرية التي تكشف في معظمها عن دوافع صهيونية.اضافة اعلان


ففي دراسة جديدة بعنوان 'التسميات الفلسطينية وعلاقتها بالحيز المكاني- منطقة اللجون مثالا' يؤكد المؤرخ البروفيسور مصطفى كبها أنه في الغالب تم منح الأسماء في المجال الجغرافي للمواقع وفق مظهرها وموقعها الطوبوغرافي على مسطح الحيّز.

وردا على سؤال الجزيرة نت، يوضح كبها أن دراسته تتعدى أهميتها الجانب العلمي البحثي، ويشير لحيوية تعزيز الوعي الطوبوغرافي/المكاني لدى فلسطينيي الداخل الذين تسللت التسميات العبرية إلى وعي شبابهم.

ويستدل كبها على ذلك بالإشارة إلى أن الأسماء العبرية باتت تنافس التسميات العربية الأصلية، حتى صار نهر العوجا يعرف بـ'اليركون' وجبل فقوعة أصبحت تسميته العبرية هي 'الجلبوع' ومفرق اللجون يدعى 'مفرق مجيدو' ومفرق مسكنة صار يعرف بـ'مفرق جولاني'.. إلخ.

مزيج لغوي
الدراسة -وهي مرحلة أولى من بحث شامل سيتعرض لكافة جوانب التسميات الفلسطينية- توضح أن الفلسطينيين على سبيل المثال أطلقوا على ظهر الجبل المنحدر انحدارا خفيفا اسم 'ظهرة' لوجه الشبه مع انحدار الظهر البشري.

كما توضح الدراسة -الصادرة عن مجمع اللغة العربية بحيفا- أن أسماء المواقع أطلقت أحيانا وفق كثرة نبتة أو شجرة، أو أي منتوج كثر وجوده أو استعماله بتلك المنطقة. وقد تم التعبير عن الكثرة بلفظتيْ 'أم' (مثل: أم الفحم، أم التوت، وأم الريحان، وغيرها) و'أبو' (مثل: أبو زريق، أبو شوشة).

ويتضح كذلك من الدراسة أن تسميات الأمكنة بفلسطين 'مزيج لغوي' لأن العرب لم يدخلوا فراغا جغرافياً، بل قدموا بلادا آهلة بالسكان، ولكل بقعة جغرافية اسمها.

وهذا ما يتتبعه كبها بدراسته حول منطقة اللجون (قضاء حيفا) كعينة نموذجية، وكجزء من دراسة مستقبلية تشمل كل المناطق الفلسطينية.

وخلافا لما قاله الباحث حسين لوباني -بكتابه 'معجم أسماء المدن والقرى الفلسطينية'- من أن العرب أبقوا على أسماء الأماكن وإن حرّفوا بعضها، يؤكد كبها أن التحريف ربما ينطبق على البلدات فقط. ويقول إن العرب لم يتركوا بقعة بفلسطين -مهما بلغ حجمها- دون اسم عربي فصيح أو عامي.

قرى المهجّرين
ويستعرض كبها محاولات باحثين إسرائيليين تساوقوا مع المنطلقات الصهيونية بدراساتهم، فعملوا على 'عبرنة' التسميات، مساهمة منهم في صياغة الذاكرة.

وأشار إلى أن الحرب على التسميات سبقت نكبة 1948 فترة الانتداب البريطاني من خلال لجان تسميات شكلتها مؤسسات صهيونية، لترسيخ مقولة أن الكثير من أسماء القرى العربية ما هي إلا أسماء مشوشة لتسميات يهودية تاريخية.

وهذا ما أكدته الباحثة الإسرائيلية نوجا كدمان بكتابها 'بجوانب الطرقات وعلى هامش الوعي' الصادر عام 2008، وفيه تكشف كيف تستكمل إسرائيل ما بدأته الحركة الصهيونية من سلب ونهب وتدمير للوعي.

وتبيّن كدمان بالتفصيل اختراع تسميات عبرية للمواقع وخاصة تلك التي يرتادها الطلاب، بعضها توراتي وبعضها الآخر عبارة عن تحوير للاسم العربي ضمن الصراع المفتوح على الرواية، وهو ما يؤكده كبها أيضا.

تداخل الحضارات
وثمة أبحاث عربية وأجنبية غير قليلة من هذا القبيل، منها بحث لإبراهيم عبد الكريم يتتبع فيه منهجية 'عبرنة' أسماء الحيز الفلسطينية، وإرجاعها لتسميات توراتية أو أيديولوجية صهيونية جديدة.

لكن كبها لا يكتفي بالتوقف عند دعوى التهويد والعبرنة، بل يخوض في الأبعاد اللغوية للتسميات، وقضية تداخل الحضارات واللغات التي مرت على فلسطين، وساهمت في بناء النسيج المتنوع لتسميات الحيز المكاني.

وبذلك يتطابق كبها مع الأب إلياس مرمرجي الدومنكي الذي اعتبر بكتابه 'بلدانية فلسطين العربية' أن التسميات بفلسطين تعود للمزيج الثقافي المتعدد المنابع والمشارب، والذي يشكل المنبع العربي رافدا أساسيا من روافده.

وعلى سبيل المثال، ما زالت مواقع في فلسطين تحتفظ بتسميات صليبية أو رومانية أو كنعانية.

لكن كبها لا يذهب -بخلاف الأبحاث العربية والأجنبية الاستشراقية- لإعادة تسميات بعض المقامات والمزارات والقرى العربية والإسلامية إلى المصادر التوراتية.

فعلى سبيل المثال، يؤكد كبها أن تسمية القريتين طرعان والرينة (قضاء الناصرة) ليست صليبية كما تقول أبحاث، لأنه استطاع إظهار أنها كانت موجودة قبل الاحتلال الصليبي.

المصدر:الجزيرة


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة