ديكتاتورية القطاع الخاص

نقد الحكومة لم يعد جرأة ، ومدحها لم يعد نفاقاً ، بل على العكس أصبح نقد القطاع الخاص جرأة وله كلفة ومدحه ليس بلا ثمن .

هناك إزدحام في بيانات التنديد بقانون ضريبة الدخل الجديدة حتى أن الصحافة تغفل غير متعمدة عددا منها لكثرتها , لدرجة تدفع أصحابها الى إتهام الصحف والمواقع الإلكترونية بالتواطؤ ضدهم وأن بعض كتابها ما هم إلا أبواقا للحكومة وأن نقد القطاع الخاص نكاية .

هذه حالة تجسد ديكتاتورية بدأنا نراها في مؤسسات القطاع الخاص ضيق الصدر أمام الرأي الآخر حتى بات
نقد الحكومة أسهل كثيرا من نقد القطاع الخاص , وإن لم تصدقوا فاذهبوا الى المحاكم كي تشاهدوا كيف أنها مزدحمة بالقضايا المرفوعة من القطاع الخاص ضد الصحافة .

من سوء حظ الحكومة أنها طرحت القانون في شهر رمضان المبارك فإنغمست فيه قيادات القطاع الخاص
المتفرغة والمتأهبة للقانون بلا إستثناء فقد صادف أنها على أرض المملكة فلا مهمات خارجية تتطلب الإنشغال في الخارج معظم أيام الشهر ولا إجتماعات ولا وفود ولا تمثيل يحتاج الى أسابيع في ربوع جنيف أو
باريس أو كازخستان .

حتى البيروقراطية والشللية موجودة في القطاع الخاص وهو مرتاحة من ضغط النقد لأن مجالس إداراته
منتخبة فهذا ما تجود به صناديق الإقتراع وهو صحيح 100 %لكن الشيطان يكمن في التفاصيل وهي هنا
تتعلق بالتمثيل غير الكفؤ والذي لا يعكس حقيقة ممارسة المهن للمهنيين ولا صفة الصناعة للصناعيين
وكذلك التجار من غير الممارسين للتجارة .

حكومات سابقة عبثت في قوانين الإنتخابات لغرف التجارة والصناعة بما يكفي لأن تدفع الى الواجهة بقيادات
لا تنتمي الى القطاعات ذاتها , فكان يكفي أن يدون أحدهم إسمه في مجلس إدارة شركة صناعية أو تجارية
لينال عضوية الغرف لخوض الإنتخابات والفوز فيها في حين أنه لا يملك تجارة ولا صناعة قائمة .

التصنيف الذي يجب أن يسبق الإنتخابات ينبغي أن يحدد من هم الصناعيون ومن هم التجار وما هي الصناعة
وما هي التجارة وعلى سبيل المثال هل الطباعة صناعة وهل منتجات البحر الميت صناعة أم تجميل وهل
يبقى الصناعي صناعيا حتى لو تحول الى تجارة المعلبات أو المواد الغذائية أو الأقمشة !!.

القطاع الخاص يحتاج الى إعادة هيكلة , وقلنا سابقا أن من بين أهم نقاط ضعف القطاع الخاص, التمثيل ,
الذي تنتجه انتخابات لا يشارك سوى 20 %فقط تدفع بقيادات سرعان ما تحول رئاسة الغرفة أو النقابة أو
المؤسسة الى وظيفة يتفرغ لها ويعتاش منها.