صرتُ أشكُّ في إنسانيّتي

ما الذي يحدث معي؟ ما الذي يحدث بيني و بيني؟! ليش هيك صاير أنا ؟ تخبرني زوجتي تقريباً كلّ يوم عن جريمة كبرى في المجتمع الأردني .. أنظر إليها ..لا أعلّق على الخبر ..وملامح وجهي تبقى كما هي لا تتغير ..لا تتأثر ..بل أواصل أي شيء كنت أفعله ..إذا كنتُ آكل؛ أواصل أكلي ..وإذا كنتُ اشاهد فيلماً أواصل المشاهدة ..وهكذا دواليك!

حتى عندما يخبرني الآخرون ..عن جريمة هنا أو جريمة هناك ..أبقى كما أنا ..ولا أعلّق ..لم أكن هكذا ..والله لم أكن ..كنتُ احترق مع أي شيء يخالف الإنسانيّة ..! ما الذي جرى لي يا جماعة؟! معقول صارت أخبار الجرائم المحلية المليئة بالغرائبية والخارجة عن المألوف شيئاً عادياً إلى هذه الدرجة؟ معقول أنني أصبتُ بالبلادة بل أشد أنواع البلادة ..يعني و كما يقولون : معقول تمْسحت ..؟!.

صرتُ أشكّ في إنسانيتي ..فمن يعيد الانسانية إلي؟ من يعيد إليّ بكائي على بكاء طفل صغير؟ من يعالجني من (التمسحة)؟ من يعيد فرمتتي ويضع فيّ (انتي فايروس) يعالج فيّ أي هجوم مضاد للتفاعل الانساني؟ من عنده القدرة ليعيدني إليّ ؟ كم أشتاق لي؟ لأحنّ عليّ وأنام في حضني وأتكئ على فكرة لا تتناقض مع نفسها ..!!

ما يحدث في المجتمع من تصاعد عنفي ..يزداد كلّ يوم وبشكل متسارع ..يحط العقل بالكفّ ..لذا يبدو أنني أهرب من وضع عقلي في كفّي ..يبدو أنني أريد أن أظفر بالسلامة؛ لأن الكلام ما عاد يجدي ..!! يبدو أننا تجاوزنا مرحلة الكلام ..فالقاتل والقتيل شبعا كلاماً ولم يعد له قيمة ..!
وسيبقى السؤال معلقاً: كيف نبدأ من جديد بلا تمسحة؟!.