الأحد 2024-12-15 10:06 م
 

في متناول اليد

06:57 ص

من حق المتشائمين من وضعنا الاقتصادي أن يرسموا الصورة باللون الأسود كما يشاءون ، ومن حقي أيضا ألا أكون متشائما ، ولا أقول متفائلا ، ذلك أن لدي ، ولدى آخرين مثلي ردودا علمية وعملية على النقاط التي يستند إليها المتشائمون في درجة يأسهم من الحلول التي يمكن أن تخرجنا من أزمتنا الاقتصادية الراهنة ، أما التفاؤل فهو مرتبط بالأمل ، وبحدوث تغييرات جذرية في أوضاع المنطقة المعقدة ، حيث تتساوى قوة وضعف القوى الإقليمية والدولية المؤثرة والمتأثرة بأي ترتيبات جديدة منتظرة.اضافة اعلان


اختلاف الآراء حول الواقع الدقيق لاقتصادنا الوطني يستند في معظمه إلى تعدد الزوايا التي ينظر منها كل طرف ، ولكن لو استندنا جميعا إلى الحقائق كما هي ، بعيدا عن التنظير والريبة والشك لوجدنا جامعا مشتركا يقودنا إلى طريق واضحة المعالم لا تخرجنا من أزمتنا الراهنة وحسب ، بل تدخلنا إلى مرحلة جديدة ، محصنين بالعقل المخطط ، والتجربة المكتسبة ، والعمل الجاد.

قد يجد البعض راحة في تحميل المسؤولية وإلقاء اللوم على حكومة الدكتور هاني الملقي ، ولا خلاف على دور ومسؤولية الحكومة في معالجة الخلل والبحث عن الأفكار الخلاقة لايجاد الحلول ، عن طريق التفكير والتخطيط الاستراتيجي ، وتفعيل أدواتها المؤسسية ، وحسن الأداء ، ورفع سوية الإدارة العامة ، والتعاون مع القطاع الخاص ، ومع جميع الهيئات ذات العلاقة ، ولكن الخلاف يكمن في عدم جواز إلقاء الأفكار اليائسة ، والأحكام المسبقة على كاهل الحكومة ، معتقدين أنهم قدموا خدمة عظيمة للبلد لمجرد أنهم أعلنوا عن يأسهم وتنصلهم من المسؤولية.

لست أعني شخصا أو جهة بعينها ، وإنما أشير فقط إلى تيار نعرفه ونسمع عنه منذ سنوات طويلة ، تيار يعتقد أن انتقاده لكل شيء ربما يضعه في مساحة اللا مسؤولية ، ولكن المشكلة اليوم أصبحت أكثر تعقيدا ، حيث يتم التعبير بطرق مختلفة عن الصورة العامة للحالة الاقتصادية الاجتماعية ، دون التوقف عند التفاصيل التي تدلنا على حيوية وقدرة الدولة على تجاوز هذه الأزمة الراهنة ، بعدما اجتزنا – دون أن يقر البعض بذلك- الأزمة الأكبر والأخطر عندما كان اللهيب يأكل الأخضر واليابس على مقربة منا ، بل إن بعض الشرر الذي أصابنا تم إطفاؤه على الفور !

ألا يعني ذلك شيئا ، وهل يتوقف التقييم عند الوضع الاقتصادي وأثره الاجتماعي ، ويتم التغاضي مثلا عن القوة الكامنة في موقف الأردن ومكانته وقيمته في المعادلة الإقليمية، وعن سر هذا الاحترام لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، الذي يستقبل في كل وقت من قادة الدول الفاعلة مثل أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين ، ولا ينظر البعض إلى قوة العلاقة مع الدول العربية التي نشكل معها منظومة الأمن القومي ، وفي مقدمتها السعودية ومصر ، وذلك لخلق توازن القوة مع الدول القوية في الإقليم. إن نظرية قوة الدولة من زاوية الوضع الاقتصادي فقط لا يمكن اعتمادها ، في ظروف غير مسبوقة في المنطقة والعالم ، فقد أصبح بقاء الدولة وسط هذا البحر المائج هو واحد من أهم معايير قوتها إلى جانب الأمن والاستقرار وحيوية العمل والإنتاج ، آخذين في الاعتبار الفرق بين حالة الاقتصاد في السلم وحالته في الحرب ، تلك الحرب التي تغيرت أدواتها وطبيعتها ، ولم تتغير كلفتها ، ألسنا في حرب ضد الإرهاب ؟

أقول كفى لتشويه الصورة ، وإظهار العجز عن التفكير ، ففي متناول اليد الكثير من الحلول ، وما ينقصنا هو ايجاد حاضنة للتفكير ، تخرج عن التسيير العادي للأمور والشؤون العامة ، وتشرك جميع القطاعات في التحليل والتخطيط والتنفيذ ، ولا بد أن نجد طريقة لربط الصلة بين الجميع ، فإذا لم تأت المبادرة من الحكومة فلتكن المبادرة من تلك القطاعات بلا تردد ولا أعذار.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة