أحمد نضال عوّاد- في صباح الإشراقة والضّياء ، أستذكر أحدهم عندما كان قدوة لمن حوله ، رائعا بما في جعبته من أقوال تطبقها الأفعال ، فأراد أن يفعل الجديد فغرق بشيء عتيد ، ذلك البحر المعاكس لكلّ البحار ، ذلك البحر الذي أراد أخذه ليستزيد ولا يريد إخراجه إلّا وهو غريق ، أشخاص من حوله يقدمون له النصيحة ؛ فقد كان النّاصح لهم دائما في هكذا أحوال ، كان هذا الشخص شجرة معطاءة تزدان بطيب ثمارها ، طموحه بلا حدود ، وأمله بلا قيود ، لا يعرف المستحيل ، يحارب للوصول ، يعطي بلا مقابل ، يمنح دون أن يأخذ ، يجري دون أن يركض ، يسير دون أن يعود ، يصعد دون أن يسقط .
نجح في كلّ الإختبارات ، إلّا باختبار بينه وبين نفسه ، فقد أصبح ضعيفا أمام شهواته ، يعلم أنّه يفعل الخطأ ويمضي به ويستمر في ذلك ، ليست النية السّليمة والصحيحة بمبرر للأخطاء ، فهناك قيود من عند ربّ السّماء ، وشروط لتكون الحياة في أمان واتساق ، وضوابط لتكون حياتنا بانتظام واعتدال ، هناك أمور يتوجب علينا أن نأخذ بها لكي نكون أصحاء ؛ فلا نسقم ولا نعتل ونبقى دائما على طريق القوام .
في الحقل سنابل القمح المضيئة ، وفي الأرض شجرة الزّيتون الجميلة ، وفي هذه الحياة أمور ينبعي لنا أن نسيطر على أنفسنا بها لتغدو قويمة ' والنفس راغبة إذا رغبتها وإذا ترد إلى القليل تقنع ' .
مضت الأيام ، وتوالت الأوقات ، وأصبح هذا الشخص على غير ما كان به في نظر نفسه ، يريد أن ينقذ نفسه من هذا الغرق ولكنّه أصبح في عرض البحر ، فلا يقوى على الرّجوع ولا يقوى على المضيّ إلى برّ الأمان حيث النّجاة من العصيان ، فهو يقف ليتأمّل ، ويفكّر ليعقل ، ويراجع حساباته ليرى الصّواب .
في فترة من الفترات ، وجد كلّ شيء يسير عكسه ، فهو يسبح عكس التّيار ، أوشك على الغرق ، أوشك على الضّياع ، أوشك على أن ينسى نفسه ليكون شخصا آخر غير المعروف بالعادة ، فتمزّقت كلماته في الهواء .
هو في حيرة ، لأنّه يفعل ما يتعارض مع قواعده ، فهو يعشق التّميز ويهوى البناء ، يمضي في الأعالي يريد الوصول إلى عنان السّماء ، يبحث عن الإنجاز الذي يحقق به ذاته ، يطوّر مهاراته ويزيد من قدراته ، يحاول أن يكون مميزا ؛ ولكنه بفترة من الفترات كان بالفعل سيئا .
لا يريد أن يترك حزنا في قلب أحد ممّن حوله ، فاستمر في الأخطاء ، ليدخل الفرح إلى قلوبهم ، يعتقد في هذه الأوقات أنّه يسعد الآخرين ، ويمضي بحكمة ولكنّها في الوافع نقمة بعيدة عن النّعمة قريبة من الشّقاء .
ازداد هذا الإنسان تدهورا ، فأصبح لا يقوى فعلا على الرّجوع إلى ما كان ، كان بحاجة إلى صفعة توقظه من نومه ، فهو لا يريد إلّا أن يكون القويم صاحب الحكمة والتدبير ، يريد أن يكون إنسان ، يريد أن يكون نفسه لا شبيهه في الخيال ، يريد أن ينشر الجمال والسّلام .
كان يتوجّب عليه اتخاذ قرار صعب على نفسه ليعود كما كان ، كان يتوجّب عليه أن يعاهد نفسه ليعيش في أمان ، كان يتوّجب أن يجبّ نفسه كما أحبّ غيره ، لأنّه أحبّ غيره أكثر من حبّه لنفسه ، فنسي ذاته واكترث بإرضاء الآخرين ، كان يريد نشر البسمة على وجوه من حوله ويصطنع الإبتسامة على شفتيه والحزن يغمر فؤاده رغم كلّ المسرات ، كان يريد أن يكون مختلفا فكان مختلفا بطريقة عقيمة لا تحتوي على الشّفاء بل لربما فيها الضّياع .
هذا الإنسان لن يتخلى عن أحد في يوم من الأيّام ، ولكنّه لن يكون كأيّ أحد ، هذا الإنسان لن يغرق ؛ لأنّ إرادته أوقفته وصفعة من عند الله أيقظته ، هذا الإنسان عاد من اليوم كما كان ، عاد إلى ماضيه مع تمسكّه بالحاضر الذي يتمسّك فيه ، لن يسير في الظّلام فهو أسير النّور والضّياء ، لن يسير في مجهول فهو لا يعلم إلّا الواقع البعيد عن الخيال ، من اليوم قرّر العودة بثبات ، قرر صنع مستقبله وهكذا إن كان هناك من أحبّه بصدق سيسعد لأنّه سيكون دائما مصدرا للضياء.
نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا ، لا تقل ظروف وعوائق ، لا تقل مصيبة وشرور ، فكلّ الأمور خيّرة إن نظرنا إليها من جانب الخير المضيء حيث الرّاحة والشّفاء والبعد عن التعقيد ، لا تبحث عن إرضاء غير ربّ العالمين ، وتوجّه إليه بالدّعاء سيعطيك في يوم من الأيّام كلّ ما تريد ، فتذكر كلمات الهادي عندما قال : ' ... واعْلَمْ أنَّ الأُمَّة لَو اجْتَمَعَتْ على أَنْ يَنْفَعُـوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيْءٍ قدْ كَتَبَهُ اللهُ لَكَ، وإن اجْتَمَعُوا على أن يَضُرَّوكَ بِشيءٍ لَمْ يَضُروكَ إلا بِشَيء قد كَتَبهُ اللهُ عَلَيْكَ ... ' .
لا تبحث على إرضاء النفس ورغباتها ، وكن أقوى من نفسك ، تصنع المجد لها ولغيرك ، لا تكن إلّا كما أنت ، فلا تعاود الرّجوع إلى الأخطاء ، فليس بناء المجتمع قائم على ذلك ، فكن أساسا من أساسات البناء ، ولا تقل أنا فرد لن أُنتج التأثير ، فأنت فرد قويم ، وستجعل بصحتك أن يكون من حولك أصحاء ، فما لا ترضاه لنفسك لا ترضاه في يوم من الأيام لغيرك ، اجعل العودة إلى طريق الحق مسلكا تبتغيه ، لا تنتظر أكثر فقد حان الوقت لصنع الفارق العظيم ، فالزّمان يمضي ولا تعلم متى تأتي ساعة الغفلة ، عندها إمّا مسرّة أو ندامة فلا تجعلها الملامة ، استيقظ فأنت من يتوجّب عليك الإستيقاظ والبدء بإيقاظ الآخرين ، لا تنتظرهم حتى يصلوا إلى حافة الهاوية وكن كما كنت ناصحا أمين ، ولكن قبل ذلك طبّق كلّ شيء على ذاتك حتى يكون أثره جميل .
هذا الشخص من الآن ... عاهد نفسه على السّير في النور بعيدا عن الظّلام ... عاهد نفسه على أن يحافظ على ذاته وعلى الآخرين من حوله ... عاهد نفسه على أن يكون كما كان في كلّ وقت وزمان ... فقد نجى بعد هذا العهد من الغرق والضّلال ... ليسعد ويفرح ويكون فعلا عنصرا فعّال ... ليطبق النّصائح على أرض الميدان لتكون بعيدة عن الخيال ... فالفرح الحقيقي موجود إن ابتغيناه ... والرّضى بما كتب ربّ العالمين هو الإيمان بالقدر ... فلنقل دائما ( الحمدلله ) .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو