لا أعتقد أن تعديل صيغة وأسلوب خطاب العرش السامي كان محض اجتهاد في الصيغة والأسلوب بل أعتقد أنه يحمل رسالة سياسية في ذاته، فحيث كانت خطابات العرش السابقة تنطق عن لسان يمثل الحكومة 'وستعمل حكومتي..' جاء خطاب العرش للدورة الحالية من جلالة الملك باعتباره رمزا ورأسا للدولة الأردنية وسلطاتها الثلاث وصمام الأمان لضمان تعاونها واستقلالها في ذات الوقت كما حملت تلك الرسالة ثوابت وآمال الدولة الأردنية للمرحلة القادمة ومنها:
- الانتخابات جزء من سيرورة ديمقراطية تهدف لتفعيل المشاركة الشعبية في صنع القرار وهذه السيرورة ليست تكتيكا مرحليا أو إملاء خارجيا كما أن جلالة الملك مصر على الاستمرار بهذه السيرورة، على الرغم من الظروف المحيطةـ ومحطتها القادمة الانتخابات اللامركزية. وهذه رسالة للحكومة وأجهزة الدولة كي تعيد استراتيجيتها ونهجها في هذا الشأن فبعض مفاصل الدولة وبعض تيارات المعارضة ما تزال تتعامل مع النهج الملكي لترسيخ الديمقراطية على أنه للاستهلاك الخارجي أو 'أزمة' وتمر.
- السعي لتكريس قاعدة استمرار الحكومات طوال مدة عمل المجلس ولكن فقط إن استمرت الحكومة بالحصول على ثقته، ولا أتفق مع القول إن جلالة الملك ألمح في خطابه للبرلمان بأن يمنح ثقته للحكومة الحالية، كما لا أنصح دولة الرئيس بالاطمئنان لمثل هذا التحليل. الواقع أن جلالة الملك صرح في تصوري بأنه ينأى بنفسه عن تشكيل أي نوع من الضغط أو المساندة ليترك برنامج الحكومة وحده فيصلا في إقناع النواب لمنح الثقة للحكومة.
- إن تكون برامج الحكومة واقعية موضوعية، وهذا يستوجب أن يقوم برنامج الحكومة على أساس من الواقعية والموضوعية ومصارحة الشعب؛ فإن عصر التعامل مع الشعب باعتباره غير قادر على وزن الأمور وتقدير مصلحة الأردن قد ولى خاصة أن ملفات ساخنة تنتظر الرئيس وتشكل مطبات حقيقية في طريق نيل الحكومة للثقة ومنها اتفاقية الغاز وتعديلات المناهج.
- مواجهة تحديات الأردن تكمن في 'وحدة الصف الوطني وحماية حقوق وكرامة المواطن'، ولهذا فإن مواجهة التحديات لن تكون من وجهة نظر خطاب العرش سببا أو مبررا للاعتداء على حقوق وكرامة المواطن، ولهذا فإن على الحكومة تحديد إجراءات شفافة لإنهاء كل تجليات العقلية العرفية الموجودة في بعض مفاصل الدولة وذلك من خلال تطبيق القانون على الكافة وتعديل أو إلغاء كافة القوانين النافذة التي تحد من كرامة وحقوق المواطن مثل قانون الاجتماعات العامة، وكذلك حسم أمر الحكومة بخصوص الشراكة مع المجتمع المدني؛ وذلك بالتصدي لأي فساد مزعوم في مؤسساته بموجب القانون والتوقف عن تشويه سمعته بفساد بعض مؤسساته ، فلا يجوز الاستمرار بتبني سياسات متناقضة بين وزارة وأخرى فكل تصرف حكومي يجب أن يكون ضمن القانون والدستور وضمن ما حدده خطاب العرش من عدم التعدي على حقوق المواطن وكرامته.
- إن التحدي الاقتصادي للأردن هو الأهم في الوقت الراهن وإن رؤية جلالة الملك هي مواجهة هذا التحدي 'بسياسات اقتصادية وبرامج تهدف إلى تحقيق النمو المستدام'، ولهذا فإن كان من المفهوم تقديم بعض الحلول الاقتصادية كإسعافات أولية فإن حجم التحدي الاقتصادي يتطلب خطة إنقاذ اقتصادي شاملة تستثمر الموارد وتهيئ فرصا لعمل الشباب، وذلك ضمن المحدد الأهم الذي أشار له خطاب العرش وهو الواقعية والموضوعية.
- تكريس قاعدة سيادة القانون بتطبيق القانون على الحاكم والمحكوم، فإن التقط الرئيس هذه الرسالة فعليه أن يقدم للشعب خطة واضحة زمنية لوقف اعتداء المتنفذين على مقدرات الوطن المتمثلة بسرقة الماء والكهرباء والتهرب الضريبي وكذلك تكريس قاعدة أن الحكومة وأجهزتها وموظفيها تأتمر بالقانون فكرا وسلوكا.
خطاب العرش للدورة الحالية جاء موجها من رئيس السلطات الثلاث ورمز الدولة وصمام الأمان لاستقلال وتعاون السلطات الثلاث وهو بدء سيرورة لبلورة مفهوم الملكية الدستورية على نحو عملي كما أنه في تصوري رسالة للنواب باعتبارهم ممثلي الشعب وأن ممارستهم لسلطة الشعب بمراقبة الحكومة وتشريع القوانين هي سلطة مطلقة لا يحدها سوى ضرورة التعاون بين مجلس الأمة والحكومة تحقيقا لمصلحة الوطن وخدمة للمواطنين في ضوء ذلك. هل سيكون برنامج الحكومة بمستوى هذه الرؤية؟ وهل سيرتقي أداء النواب ليكونوا حماة لسلطة الشعب وممثلين حقيقيين له ؟
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو