الأربعاء 2025-03-05 03:04 ص
 
 

‘لن يستلنا العدم’: تواطؤ نسائي في مديح الغياب

 
01:31 م

الوكيل - تواطؤ نسائي لافت، خطت له الشاعرة والإعلامية فتيحة النوحو في ديوانها الشعري الجديد ‘لن يستلنا العدم’ والصادر عن دار الوطن بالرباط.اضافة اعلان

إذ الى جانب قصائد فتيحة النوحو، شاركت كل من الفنانة نعيمة الملكاوي وصوفيا شهاب والفنانة كوليت مارتيني كليبك، في إخراج هذا الديوان الإبداعي بالحلة الجميلة التي صدر من خلالها مزينا بالرسومات المرافقة للتشكيلية نعيمة الملكاوي، كما أرفقت ترجمة باللغة الفرنسية قامت صوفيا شهاب بإصدارها موازاة مع النص العربي، مع مراجعة لكوليت مارتيني وهو ما أعطى في النهاية تجربة نسائية مكتملة توفقت الى حد بعيد في جعل الديوان عملا فنيا باذخا يلتقي خلاله الشعر بلسانيه العربي والفرنسي مع العمل التشكيلي.
في ديوان الشاعرة فتيحة النوحو إصرار على تحوير مقولة الموت الى لحظة خطيئة تسمها ‘بالحياة’، وفي لحظة العبور/ الحلول تتحلل الشاعرة من ذاتها كي ترسو بفكرة قابلة أن تنشطر الى كينونات وصور، رغم أنها تتمسك بـ’حبل سرة’ الكتابة. فالقصيدة عند الشاعرة ملاذ وتحقق لإنسانيتها في اللانهائي. تكشف قصائد ‘لن يستلنا العدم’ عن هاجس كتابة قصيدة تكون فيها المرأة المبدعة صوتا حرا، استطاع أن يحفر في ديدن تجربة الكتابة الشعرية تجربتها الخاصة. وهنا تكشف قصائد الديوان عن هواجس الذات وانكساراتها أبعد عن أي تلميح ‘أنثوي’ أو ‘نسواني’ بقدر ما تكشف الذات عن هواجسها وأقصى حالات تجليها الإنساني.
واللافت في ديوان الشاعر فتيحة النوحو هو هذا التجانس إن على مستوى التوزيع البصري أو التشكيلي أو حتى ‘الديزاين’ المرافق لتصفيف الديوان ككل، إننا أمام تواطؤ نسائي خصب أفضى الى تقديم ديوان شعري بخطابات متعددة، يتجانس الشعري والسيميولوجي والأيقوني والجمالي كي يحققوا جميعا متعة على مستوى التلقي. وهو ما يؤشر على وعي الديوان ككل بسلطة القراءة ونشدان تحقيق تواصل آخر بديل عن القراءة المعتادة. وعي بطبيعة تداول الشعري في ظل ما يعرفه النص الشعري من انحسار المقروئية وصعوبة محافظته على ريادته التداولية، يقدم جزءا من الإجابة على رهان ديوان الشاعرة فتيحة النوحو ‘لن يستلنا العدم’.
وتظل مقولات الديوان الأساسية تنهض من مقولة ‘الغياب’ والذي أمسى مع نصوص الشاعرة، مؤطرا لأفق النصوص ككل ولاستراتيجية الكتابة الشعرية لديها. وهو ما يزكي جزءا من تجربة الشاعرة والإعلامية فتيحة النوحو ضمن اختياراتها الدلالية والتي طورتها عبر مراحل النشر لقصائدها الشعرية. بما هو اختيار واع يستنهض من تجربة حياتية وخلاصة مريرة لرهان الوجود ذاته. وهكذا نصبح أمام تحقق وجودي للغة يقابله ‘الغياب’ المدجج بعيدا في الأفق بأكاليل انحسار رغبة الحياة ذاتها.
أمام هذا الحس المأساوي والفجائعي، تنسكب نصوص الشاعرة ترياقا انتقاليا لوميض هارب، لعله الأمل المفقود والذي طالما حاولت الشاعرة أن تضفيه على مجازاتها واستعاراتها إلا أنه يظل عدما هو الأخر. وحضور ذاك التجسيد التشكيلي، بالشكل الذي التقطته الفنانة التشكيلية نعيمة الملكاوي، هو حوار أخر تتكامل خلاله اللغة مع لغة ثانية ليبقى البياض مكللا بالجسد العامر بالمتاهة باحثا في ما تبقى على الورقة عن خلاص.


 
 
gnews

أحدث الأخبار



 
 



 

الأكثر مشاهدة