السبت 2024-12-14 02:25 ص
 

مجتمع لتطوير التعليم

06:56 ص

العنوان هو اسم الجمعية التي تم إنشاؤها والحصول على موافقة وزارة التنمية الاجتماعية بتسجيلها رسميا مؤخرا. وأتى إنشاء الجمعية تتويجا لجهود أكثر من عام من الاجتماعات، قامت بعقدها مجموعة من الخبراء التربويين والناشطين، أنا واحد منهم، لتسليط الضوء على ضرورة تطوير فلسفة التربية بشكل عام، وترجمة ذلك إلى مناهج حديثة وطريقة تدريس تختلف جذريا عما هو معمول به حاليا.
تهدف الجمعية إلى:

اضافة اعلان


1 - تطوير مسار يعنى بمراجعة فلسفة التربية والتعليم، لتبنّي نهج معاصر عن طريق التقصي والتساؤل والعمل الجماعي وحل المشكلات والمناظرات، ودمج مبادئ المواطنة التي تنمّي ثقافة التعددية والتنوع والمساواة في الجنوسة وحقوق الإنسان.


2 - توعية الأسرة الأردنية والمجتمع الأردني بمتطلبات التربية والتعليم للقرن الحادي والعشرين.


3 - إجراء الدراسات والبحوث التي تعنى بتطوير سياسة التربية والتعليم، بناء على مؤشرات مبنية على المسوحات والدراسات الشمولية الميدانية ذات النوعية والجودة العالية.


4 - العمل على حشد الدعم والمناصرة من منظمات المجتمع المدني للتأثير في تطوير العملية التربوية، وحث المؤسسات التربوية على تكوين بيئات آمنة وداعمة لتعلم الأطفال والشباب.


5 - عقد الورش التدريبية والندوات والمحاضرات لتناول أهم مستجدات التطوير التربوي، خصوصا ما يخدم السياق الأردني، في ظل تحديات العولمة وفرصها ومتطلباتها.


لم نعتد في الأردن على مثل هذا النوع من الجمعيات. وكما هو واضح في الأهداف، فهي تطال فلسفة التربية بشكل عام، وتتخطى الإشكالية الحالية حول عدد الآيات القرآنية في المناهج، لتتحدث عن أهمية إكساب الطلبة المهارات اللازمة لدخول سوق العمل وإحداث التنمية المستدامة. ولا يهدف هذا الجهد للتعرض للدين، الذي هو جزء لا يتجزأ من قيمنا وحضارتنا، لكنه جهد لن يردعه إرهاب فكري يحاول خداع الناس عن طريق تصوير الدعوة إلى تطوير المناهج على أنها محاربة الدين، رغم كل الشواهد على أن نظامنا التربوي لم يعد قادراً على مواجهة تحديات العصر، لكن يبدو أنها 'عنزة ولو طارت' عند البعض الذي لم يفسر لنا لماذا يعارض مهارات كالتفكير النقدي والتمحيص والمساءلة وثقافة الحوار وقبول الآراء المختلفة، أو نشاطات كالمسرح والفنون، وما دخل ذلك بتعديلات مجتزأة تمت على المناهج من دون أن تمس جوهر المشكلة، فساهمت في تحويل النقاش عن التعديلات المطلوبة بدلا من التي تمت. ما هو مطلوب من تعديلات في فلسفة التربية ومناهجنا يتعلق أساسا بإضافة قيم كالتعددية والمواطنة والحوار، وتدريسها بالشكل المناسب، أكثر بكثير من حذف ما هو موجود حاليا. لكن البعض ما يزال مصرا على أن التنوير يضر بالمجتمع!


هذا لبّ المشكلة. ووزير التربية والتعليم الجديد يعي ذلك جيدا، ويعي أيضا أن معركة التطوير التربوي ليست بين الإسلام والعلمانية، بل هي معركة بين نظام تربوي تلقيني جامد مهترئ، وبين نظام حداثي مستنير ينطلق من قيم الأمة الدينية والحضارية ويُكسب بالتوازي مهارات لا بد منها ليس فقط لمعالجة مشكلة البطالة، ولكن أيضا لإقامة المجتمع التعددي المنفتح المستنير.


الإيمان بالدين والاعتزاز بالجذور، لا يتناقضان مع الانفتاح والتفكير النقدي وتقبل الآراء، وإلا كيف نفسر انفتاح الحضارة الإسلامية على الحضارتين الفارسية واليونانية وغيرهما، والأخذ منهما رغم الفوارق بينهما؟


هذه جمعية جديدة حرية بدعم كل من يؤمن بضرورة تطوير النظام التربوي. وهي لبنة من لبنات كثيرة نحتاجها لبناء دولة حداثية. وعملية إصلاح النظام التربوي ستكون طويلة ومليئة بالعراقيل، لكنها من أهم المعارك التي نخوضها من أجل مستقبل أكثر إشراقا وانفتاحا واعتمادا على الذات.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة