الأحد 2024-12-15 08:07 م
 

من أجل عيون الأردن ..

08:36 م

بقلم م. عبدالرحمن 'محمدوليد' بدران

تسارعت الأحداث في بلادنا في الأيام القليلة الماضية بشكل مضطرد، وتحديداً منذ تصويت مجلس النواب على تبرئة مشروع 'سكن كريم' من أي شبهة فساد، ومن ثم خبر صحفي على لسان أحد النواب ينشر في وكالة 'جراسا نيوز' يدفع ثمنه رئيس تحريرها الزميل الصحفي جمال المحتسب 14 يوماً على ذمة التحقيق، 'حتى الآن على الأقل'. ثم الطامة الكبرى بتصويت مجلس النواب على إقرار راتب تقاعدي لكل نائب مدى الحياة، ما جعل غضب الشارع الممتعض من تكميم أفواه الصحفيين وإعتقالهم يزداد أكثر فأكثر. اليوم ومع إستقالة حكومة د. عون الخصاونة، وتكليف جلالة الملك الدكتور فايز الطراونة بتشكيل الحكومة الجديدة، تقفز إلى السطح تحليلات كثيرة، فحكومة الخصاونة، والتي أصبحت الأقصر عمراً بإستقالتها بعد ستة شهور فقط من تكليفها، كانت قد تخبطت وواجهت الكثير من الأزمات منذ إستلامها لمهماتها الدستورية، فمن إضراب للمعلمين، إلى أحداث الطفيلة، إلى أحداث الدوار الرابع، إلى أزمة وزير العدل، وغيرها من الأزمات الأخرى، التي إنتهت بإعتقال الصحفي جمال المحتسب. وقد كنا تفائلنا كثيراً بتعيين حكومة القاضي الدولي عون الخصاونة، خاصة مع تشديد الأخير على حرصه على إسترداد الولاية العامة، وبشكل كامل حسب ما ينص الدستور الأردني، وهو الأمر الذي لمح إلى فشله فيه 'بشكل غير مباشر' في نص رسالة إستقالته إلى جلالة الملك. ومازاد تفاؤلنا في ذلك الوقت هو تعيين جلالة الملك لمدير جديد لدائرة المخابرات مع تعيين حكومة الخصاونة، مما أعطى إنطباعاً بأن هناك توجهاً جديداً سيتبع في إدارة الأمور في الدولة. لكن خيبات الأمل توالت للأسف بسبب ممارسات الحكومة السابقة، وتعدد أزماتها التي تطرقنا إليها في السطور السابقة. الآن وبعد رحيل الحكومة السابقة، وتكليف رجل يعرف برجل 'الأزمات' برئاسة الحكومة الجديدة، وهو الرجل الذي ترأس الحكومة في واحدة من أحرج الأوقات في البلاد، قبل وفاة جلالة الملك الحسين 'رحمه الله' مباشرة، وإنتقال السلطة إلى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين بين عامي 1998 و1999م.

اضافة اعلان

دولة الدكتور أبو زيد فايز الطراونة، رجل سياسي محنك، سيرته السياسية حفلت بالعديد من المناصب، من رئاسة الديوان الملكي، إلى رئاسة الحكومة، إلى غير ذلك من المناصب السياسية المتعددة، إلا أن الأهم من ذلك هو نظافة هذه السيرة، وعدم إرتباطها بأي شبهات فساد، كما أن دولة أبو زيد، 'إبن الكرك' الوفي، وهو إبن السياسي الشهير أحمد باشا الطراونة، كان قد تشرب السياسة منذ صغره، في بيت كان يتردد عليه رفاق والده، من أمثال وصفي التل، وهزاع المجالي، وأحمد اللوزي، وغيرهم من رجالات الأردن البارزين، والذين تعلم منهم الكثير. وليس بالأمر الخفي أن هناك من لم يتفائل بتعيين أحد رموز الحرس القديم رئيساً للوزراء، وهنا مهمة صعبة على الرئيس الجديد في كسب ثقة معارضيه، وبث الثقة بينهم بأنه قادرعلى مواصلة مسيرة الإصلاح، والتي ستكون بالتأكيد على رأس مهمات التكليف من جلالة الملك عبدالله الثاني للحكومة الجديدة، إضافة لمهمة محاربة الفساد والفاسدين في جميع مواقعهم. في المقابل على الرئيس الجديد أن يتصدى وبسرعة لجميع ملفات الأزمات الأخيرة، والتي أزمت الموقف بين الحكومة والمواطن في الأيام الأخيرة، وعلى رأسها إعتقال الزميل الصحفي جمال المحتسب، بسبب نشره خبر صحفي، ونحن هنا وإن كنا نؤيد تماماً عدم أحقية أي صحفي بنشر أي خبر بدون التوثق والتثبت منه، والحصول على ما يثبته من مصدر الخبر، إلا أننا نستغرب تحويل الصحفي إلى محكمة أمن الدولة الإستثنائية، والتي يعين رئيس الوزراء قضاتها العسكريين والمدنيين، مما ضاعف الشكوك حول الحريات الإعلامية، وزاد المخاوف من تكميم أفواه الإعلاميين والصحفيين، خصوصاً بعد الجدل الذي ثار حول مشروع قانون المواقع الإخبارية الإلكترونية. اليوم ومع تكليف رئيس الحكومة الجديدة تنتظر البلاد جمعة ساخنة من المظاهرات الغاضبة، والتي إعتدنا عليها في الأسابيع الأخيرة، وإذ كنا نتوجه بأصدق الأماني للحكومة الجديدة بالتوفيق في مهماتها، نتوقع منها أن تعمل على إعادة الثقة بين الإعلام والحكومة، وذلك بخطوة جرئية مثل إطلاق سراح الزميل الصحفي جمال المحتسب. كما نتوقع من الحكومة أيضاً العمل على إقرار حزم قوانين الإصلاح بأسرع وقت، من أجل تنظيم الإنتخابات البلدية والنيابية قبل نهاية هذا العام، والخلاص من مجلس النواب الحالي بأسرع وقت، بعد أن زاد تجاهه الغليان في الشارع بشكل كبير جداً، هذا المجلس الذي إعترف رئيس الحكومة المستقيلة في سابقة لأول مرة بتزوير نتائجه، وتعددت تخبطاته حتى لم يعد أحد قادر على توقع جديدها، وأصبح يتهيأ للبعض أن أعضائه إتفقوا على إقرار أكبر عدد من القوانين التي تضمن لهم الرفاهية والترف مدى الحياة، من جوازات دبلوماسية حمراء مدى الحياة، إلى راتب تقاعدي مدى الحياة، ثم الله أعلم ماذا سيقر بعد ذلك من قوانين، ومدى الحياة أيضاً !!! حتى أصبح المواطن يتطلع إلى هذا المجلس وكأنه قادم من الفضاء، لا علاقة له لا بهم الوطن، ولا المواطن، وأصبحت قوانينه عبارة عن حلقات قصة عنوانها 'عجائب ونوائب قوانين مجلس النواب' !! الخلاص من مجلس النواب الحالي والذي يمكن أن يحصل بطريقة من إثنتين، إما بحل المجلس مباشرة من جلالة الملك، وهو الأمر المستبعد نظراً لوجود الإرادة الملكية بتنظيم الإنتخابات قبل نهاية العام الحالي، وحل المجلس يعني رحيل الحكومة دستورياً، وهو أمر مستبعد مع تشكيل حكومة جديدة، والطريقة الأخرى هو حل المجلس مباشرة بعد إقرار قانون الإنتخابات وحزمة قوانين الإصلاح الأخرى، أي بعد أشهر قليلة فقط، وتنظيم الإنتخابات الجديدة قبل نهاية العام الحالي، مما سيدخل الكثير من الطمأنينة إلى القلوب، ويمنح الأجواء ولو بعض الهدوء المنشود. هذه سطور قليلة نكتبها من صميم القلب من أجل عيون الأردن الغالي، ونحن نرى إشتداد التحديات في بلادنا من أزمات داخلية، إلى طبول حرب خارجية تدق بشدة في الجارة الشمالية، نكتبها من منطلق حبنا وعشقنا لتراب الوطن الغالي، وجميع من ينتمي إليه من نشامى ونشميات أحرار نرفع لهم القبعة دائماً، وعلى رأسهم القادة الهاشميون الأشراف، نقولها من القلب، حمى الله الوطن من الفساد والفاسدين، من المؤامرات والمتآمرين، من الخونة والمنافقين، في الداخل والخارج، وفي جميع الميادين، وثقتنا كبيرة بأننا وبهمة ووفاء جميع نشامى ونشميات الوطن، وبعد توفيق الله، سنرى مستقبل بلادنا أكثر ألقاً وإشراقاً بإذن الله تعالى.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة