يابه جبتلك لعبه .. فيق

على سرير الطواريء ، في مستشفى الشفاء بغزة ، يرقد طفل فلسطيني رقدته الأخيرة ، لقد توفي للتو ، وبجانبه والده يصرخ بكل ما في الدنيا من حزن ويقول له باكيا :اضافة اعلان

- (يابه جبتلك لعبه فيق ) ...هذا المشهد كلما عرضته الفضائيات ، ذبت في صمتي وبكيت .
أنا دائما أحضر ألعابا لأطفالي، وحين أفاجئهم بها أسرق القبل من خدودهم ...وتكون هذه الهدايا ، وسيلة للإستفراد بهم والإستماع لصوتهم ، ورؤية الفرح في العيون ..وتكون مدخلا لسرقة قبلة على الخد وأخرى على الرأس وأخرى للأذن ...
هذا الأب ( الغزي) مثلي أحضر لعبة , لولده ..ذاك المساء ربما كي يلتهي بها عن صوت القصف , وربما كي يضمه إلى حضنه ربما كي تكون وسيلة ليقتنص عبرها أكبر كم من القبل , وأنا أحضر اللعب والشوكلاته لهذه الغاية ،وأؤمن أن خد ياسر أصغر أولادي أشهى من وطن وأشهى من كل الحياة .
ولكنه فوجئ أن اللعبة التي أحضرها ، لن تجد يدا تحملها ...وهل ترد اللعبة روح طفل من فلسطين , قررت أن تغادر تراب غزة إلى خالقها ...
إسمه هذا الطفل ربما محمد , وربما وجدي ,وربما حسن ..لا أعرف اسمه , ولكنه كان سيكبر مثل كل أطفال غزة , وربما سيكون صيادا في بحرها ..ربما سيكون مقاوما ويطور صاروخا يصل إلى ماهو أبعد من تل أبيب...ربما كان سيصبح شاعرا يكتب عن الصبايا هناك وعن الجدائل وعن الحب على رمل البحر ...ربما كان سيغادر القطاع للدراسة في اي عاصمة عربية وهناك سيحكي لرفاقه في الجامعة عن ذكريات الحرب والقصف .
لكنه الموت الذي سرقه , وياليت أنك بقيت على قيد الحياة , ولم تمت ولم نشاهد لوعة أبيك ..ساعتها ستصيغ لك الأمهات من (طقطقة) العظام (خشخاشة) ..سعدون جابر حين غنى (يا وطنا بس إضحكلنا واحنا من دق الضلوع انصوغلك خشاشه) كان يقصدك يا طفل غزة ..كونك أبعد من طفل وأقرب لوطن , ولكنك اخترت الموت.
هناك أب في غزة أطلق تصريحا عبر الفضائيات قال فيه مخاطبا طفله الميت على سرير مستشفى الشفاء :-( يابه محمد جبتلك لعبه فيق) ...وكان هذا التصريح جرحا غائرا في القلب , أبلغ من إجتماعات الجامعة العربية , وأطهر واشرف من تصريحات أوروبا ,كان هذا تعرية لإنسانية أمريكا وخوفها على حقوق الناس كما تدعي...كان هذا التصريح بصقة على عالم جامد صارت إسرائيل فيه خطا أحمر ..
لا تقلق يا سيدي الطفل الشهيد أنت مت ولم تحظ بلعبة أبيك ,لكن زمنا سيأتي وصدقني ستكون فيه إسرائيل لعبة بيد أطفال غزة ..وهو زمن قريب وليس بعيدا .