الوكيل - جردة حساب ثقيلة. انحيازات سياسية باسم الثقافة التي تتلون برداء الحرية وسيادة الوطن وسلالة القبيلة والتذرع بصون المقدس.. ينتهي عام 2012 باعتقال الروائي السعودي تركي الحمد، لأنه لم يتحمل 'مهادنة' الظالم في لحظة مكاشفة مع ذاته.
قيود وأصفاد لم يسلم منها مثقفون عرب آخرون، فصدرت – كالعادة- فرمانات المنع والتكفير على يد الديمقراطيات المبتكرة في دول 'الربيع العربي، إذ رفعت القضايا ضد فنانين وكتّاب في مصر، وطالب متطرفون - أنعمت عليهم الثورة بتمثيل سياسي – بحرق كتب محفوظ وإحسان عبد القدوس وجمال الغيطاني، وسحب جائزة الدولة الممنوحة للباحث القدير سيد القمني.
ودفاعاً عن حرية الشعب السوري مُنعت أفلام لمخرجين سوريين من المشاركة بمهرجاني القاهرة ودبي السينمائيين، وأقصوا بسبب آرائهم المنادية بالإصلاح بديلاً عن الاقتتال الداخلي في بلدهم الجريحة.
جروح عربية لم تحل دون احتفالات الأمم المتحدة بلغة الضاد، لتقيم وزارات ثقافة وجامعات ومراكز ممولة وغير ممولة أجنبياً كرنفالات لا يزال يعتقد منظموها أن لغتهم محفوظة بإرادة غيبية.
انشغالات الثقافة بـ'الإعلام' منحت عدداً من الكتّاب خبراً في الصفحات الثقافية يشير إلى رحيلهم، وريثما تنتهي مراسم الدفن، يعود المعزون والمفجوعون إلى تركيب صور لوجوههم الباسمة التقطت في فنادق تحتضن مؤتمرات عن الموتى: أحياء وراحلين، وتكتفي بكلمات الإنشاء طاردة جميع الرؤى النقدية التي تشتبك مع الراهن ولا تعترف بالمجاملات ودروع التقدير.
'تقدير' لم يكترث له الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي الذي غادر حياة عاشها مقاتلاً ضد الصهيونية والرأسمالية والظلاميين الذين يحتكرون الإيمان، ومضى قبل أن يشهد انقلاباً يطيح بمؤسسة التطرف الديني ومؤسسيها.
وودع الفقراء والمهمشون في مصر الروائيين محمد البساطي وإبراهيم أصلان، وغافل الموت الشاعر والناقد حلمي سالم تحوطه ذكريات مع المقاومة وإيمانه بالتنوير ثقافة وممارسة.
أحزان بطعم مختلف تجرعتها الثقافة الأردنية، التي فقدت شاعرها حبيب الزيودي إثر جلطة دماغية مفاجأة عن عمر يناهر 49 عاما، ولم يطق كتّاب الصمت في الجنازة، فتنازعه من أراد اختطاف الشاعر من إبداعه لصالح مشروعات سياسية، أو من يرغب محاكمته بسبب قربه من السلطة.
وفقدت السياسة مناضلين عاشوا من أجل تحرر الإنسان وثقافته، فغادرنا بهجت أبو غربية عن مذكراته التي لم تزل ممنوعة حتى اللحظة، وناجي علوش عن وطن لا يقبل تجزئته، وعبد الرحيم ملحس عن حلم بالانفكاك من سلطة الأب والقبيلة من دون تدخل أجنبي.
وقرب شواهد قبورهم يتساءل كثيرون عن اختطاف الثقافة ووقوعها في براثن السياسة وأهلها، فلا تفلح حينها أجوبة مبتسرة أو مضللة. فمنذ دولة الاستقلال العربية والخنادق مشرعة بين أنظمة تظلم الثقافة باسم الثورة، وأنظمة تُنفق عليها لئلا تقع الثورة.
واليوم؛ يعود المثقفون إلى خنادقهم من جديد، مدافعين –بشراسة- عن مشاريع سياسية متناحرة يجيد قادتها التخلص من الثقافة، في نهاية المطاف، أو تحنيطها.
العرب اليوم
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو