الثلاثاء 23-04-2024
الوكيل الاخباري
 

أيها العابثون.. لن تنجحوا بمسعاكم



لم يعد مستغربا أن يسارع ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي إلى إطلاق هاشتاغ “أرفض أمر الدفاع 35″، المتعلق بإجراءات تستهدف دفع المواطنين لتلقي لقاح كورونا، فالقاعدة العامة التي باتت تحكم سلوك البعض على هذه المواقع هي الرفض من أجل الرفض، أو التبعية في الرفض من أجل المكابرة والمعاندة، دون النظر إلى المصلحة العامة التي يمكن أن تتحقق في السياق.اضافة اعلان


نتفهم جيدا أن معظم الأردنيين لا يستمعون لأي صوت يخرج من الحكومات نتيجة لتراكمات الفشل الحكومي المزمن في تحقيق ما يدفع هؤلاء للإيمان بهم، لكن هذا لا يعني أبدا أن تصل مرحلة العناد إلى هذا القدر من السلبية والعدمية، بحيث يطرحون ترك الأمور على هواها، وإعطاء الحق لكل شخص بالتصرف حسب ما يشاء خلال هذه الجائحة الخطيرة، في الوقت الذي يتوجب فيه أن نكون جميعنا شركاء في التصدي لها، وتقليص أضرارها وتحدياتها على الوطن والمواطن.

المتمسكون بنظريات قانونية وحقوقية يعتبرون أن إلزامية التطعيم مخالفة لحقوق الإنسان، فيما يتناسون أن من حق الإنسان على الإنسان أن يأمن جانبه صحيا، وألا يكون سببا في إلحاق الضرر به، فضرر رفض التطعيم يتعدى الشخص ذاته إلى من حوله كأفراد ومجتمع.

ليس مستغربا، أيضا، أن يتصدر هذا الهاشتاغ “فيسبوك” و”تويتر”، ليصبح في قائمة الأكثر تداولا في الأردن، ليصبح صوت الداعين إلى الحق في التحرك كيفما يريدون وفي كل مكان دون أن يقيدهم شرط الحصول على اللقاح، هو الأعلى اليوم، بينما يخفت صوت الناس الملتزمين، والداعين إلى أن تكون هناك مناعة مجتمعية متحصلة من تعميم اللقاح على النسبة الأكبر من السكان.

“الأنا” تسيطر على هؤلاء دون مراعاة للوضع الوبائي الذي تمر به المملكة، ولكن، وللموضوعية، فإن الحكومة التي لم تكن حاسمة في تطبيق إجراءاتها لأشهر طويلة ساهمت في خلق هذا الجو السلبي لدى الناس، أولا بتراخيها في التطبيق، وثانيا بقرارات بدت كما لو أنها انتقائية بين السماح بالتجمع لفئات وتقييد أخرى، والرفض لفئة ثالثة.

الأردن ليس معزولا عما يجري في العالم، فمعظم الدول اتبعت سياسات خاصة وصارمة لدفع الناس لتلقي اللقاح، حتى أن جدلية الحريات والإلزام سقطت هناك لأنها قدمت المصلحة العامة على الخاصة، وهو ما نراه مطبقا في بعض القطاعات في أميركا وفرنسا وبريطانيا وكندا واليونان والنمسا وأستراليا ودول إفريقية وآسيوية، بل ان عددا متزايدا من الشركات الكبرى بدأ بفرض إثبات تلقي اللقاح على الموظفين.

مواطنون يتساءلون في مواقع التواصل الاجتماعي: بأي حق يتم منعهم من زيارة الأماكن العامة والخاصة إلا بتلقي جرعتي اللقاح؟ فيما الطرف الآخر ممن يؤمنون بضرورة التطعيم يتساءلون، أيضا، عمن منح الحق في أن تتجول بينهم “قنابل صحية” قد تنفجر في وجوههم بأي لحظة؟

ومن اللافت، ولعله يدعو إلى السخرية، تلك الدعوات التي أطلقت لمقاطعة الدوائر الحكومية، والامتناع عن دفع المستحقات لفترة زمنية بهدف إجبار الحكومة على التراجع عن أمر الدفاع 35. مثل هذا التفكير يبدو غير ناضج، وقد يؤدي في النهاية إلى تعطل حياة ومصالح هؤلاء.

بحسب بيانات وزارة الصحة بلغ عدد متلقي الجرعة الأولى من لقاح كورونا 4.3 مليون شخص، فيما وصل عدد متلقي الجرعتين إلى 3.9 مليون شخص، وهذا يعني أن الإقبال على التطعيم قناعة عند هؤلاء وإيمانا بضرورته رغم كثرة الأصوات التي حاولت، وما تزال، بث الخوف من مأمونيته، وحاولت اللعب على وتر الحقوق والحريات دون جدوى.

لا خيار أمام الحكومة سوى الاستمرار بتطبيق أمر الدفاع 35 مهما بلغت حدة مقاومته، فغالبية الأردنيين يريدون أن ينعم البلد بالاستقرار الصحي الذي يقود لاستقرار اقتصادي واجتماعي، وعليها أيضا عدم الاكتراث بأولئك العابثين الذين “يناضلون” على السوشيال ميديا، محاولين بث السلبية والعدمية والاستسلام في المجتمع، وهو الهدف الذي نراه لن يتحقق، وسوف نصل، بلا شك، إلى مناعة مجتمعية بتلقي المطاعيم.