في غمرة الاستعداد للانتخابات البرلمانية بدأت الاجتماعات العشائرية وماراثون المصالحات والتسويات للخلافات بين الأقارب وأبناء العمومة التي دام بعضها لسنوات. خلال هذه الأيام وحتى تظهر النتائج، سينادى كل فرد في العشيرة بالاسم واللقب المحبب الى نفسه.اضافة اعلان
فستتحول القرى والأرياف والمدن والبادية الى أماكن وفضاءات يحترم فيها الأفراد ويتاح لكل فرد فرصة سماع كل الأسماء والألقاب والصفات المحببة الى نفسه. اعتبارا من الأسبوع الماضي، أصبح كل فرد إما الحاج أو السيد أو أبو فلان، وسيعرف الجميع من هو الدكتور ومن هو المهندس حتى وإن كان ما يزال في عامه الثاني في كلية الطب. سيزور كل من ينوي الترشح كل المرضى وسيشارك في كل الأفراح وسينعش ذاكرة الجميع بسرد فضائل الأقارب ومناقب موتاهم.
الكثير من الطامحين والراغبين في الترشح سيدعون أقاربهم الى اجتماعات عامة باسم عشائرهم ويطورون بكائيات حول أهمية أن تتحد العشيرة وتلملم شملها لتدخل الانتخابات بمرشح إجماع واحد يصوت له الجميع باعتبار المرحلة تتطلب التكافل من أجل الفوز على الجماعات الأخرى التي يمكن أن تنافسها.
في حالات محدودة قد تحدث انشقاقات ومعارضة للطروحات التي ترى الانتخابات مقاعد تتقاسمها العشائر، ويظهر في بعض المجتمعات من ينادي بالابتعاد عن العصبية والنظر للمرشحين بعين المصلحة العامة وبعيدا عن صلات القرابة أو النسب التي تفتت المجتمع وتعيق تقدمه. الحوارات التي تجري عبر وسائل الاتصال تكرر أن الانتخابات استحقاق دستوري يمنح المواطن الحق في اختيار من يمثله، في غياب الأحزاب والتنظيمات القوية والفاعلة لا يجد البعض أفضل من تنظيم العشيرة لاستخدامه كقاعدة ومنصة انتخابية.
الكثير من الناس يجتهدون في صياغة خطابات تتحدث عن مصالح العشيرة لكنهم يفشلون تماما في تعريف طبيعة ونوع مصالح الوطن.
في ظل هذا الواقع يجد المرشح نفسه مضطرا لاستخدام خطاب عشائري لا يخلو من الوعود بتعظيم حصص العشيرة مما تقدمه الدولة ومتابعة هموم ومشكلات ومعاناة الأفراد المنتمين للقاعدة الانتخابية لتتحول العلاقة بين المرشح والقاعدة الى علاقة تعاقدية يقوم من خلالها الناخب بانتخاب المرشح ويتولى الثاني خدمة الأول في كل الظروف والأوضاع التي يحتاج فيها الناخب للخدمات.
في مثل هذه الأوضاع، تصبح الحملات الانتخابية جلسات يجتمع من خلالها المرشح مع الناخبين المحتملين ليبرموا صفقة يتعهد من خلالها الناخب أن يصوت للمرشح مقابل أن يهب النائب في حال فوزه لنجدة الناخب في كل موقف يحتاج له. العلاقة التعاقدية التي تبرم بين المرشح والناخب لا علاقة لها بالوطن ولا أولوياته ومصالحه، فهي علاقة قائمة على الخلاص الفردي والعطايا والامتيازات.
في مثل هذه الأوضاع، لا يكترث المرشح لمعرفة الهموم والتحديات التي تواجه البلاد ولا كيف سيسهم في معالجتها، فلديه أهداف مرحلية محددة تقتضي البراجماتية أن يحققها بلا جهد كبير. الهدف الأول هو التعرف على الناخبين المحتملين والتواصل معهم واستمالتهم وإقناعهم بشتى الوسائل، والثاني العمل بكل ما أوتي من قوة على تحصيل منافع وخدمات فردية للأشخاص الذين وقفوا الى جانبه لضمان تكرار التصويت له وللحفاظ على سمعته كشخص ينفذ ما يوعد به.
مفهوم الوطن قد يتقلص بالنسبة للبعض ليصبح كيانا أو إقطاعية صغيرة توفر المنافع والامتيازات، وعليه فإن الشغل الشاغل ينصب على المبالغة في إظهار الحب والانتماء وعقد المقارنات بين حبه وانتمائه مع حب وانتماء الآخرين والمطالبة بأن يحصل على منافع وامتيازات وتسهيلات تعادل مقادير الحب والغزل. بعض هؤلاء الأشخاص لا يرون أن أحدا يعادلهم في الحب والانتماء والولاء، فيودون لو يحتكرون التعبير عن ذلك ويعتقدون أن الأمور لا تستقيم أو تعتدل الا بوجودهم وأن ما عداهم غير قادر على الفهم أو الحب أو التدبير.
الإصرار على مأسسة ثقافة المحاصصة وتشجيع الناس على تعريف أنفسهم كشيوخ ومرشحين لعشائر لا يعكس روح المجتمع الذي يتطلع لتحقيق الانصهار والاندماج لكل المكونات في إطار المواطنة المتساوية البعيدة عن نظرة المحاصصة وتقاسم الغنائم.
فستتحول القرى والأرياف والمدن والبادية الى أماكن وفضاءات يحترم فيها الأفراد ويتاح لكل فرد فرصة سماع كل الأسماء والألقاب والصفات المحببة الى نفسه. اعتبارا من الأسبوع الماضي، أصبح كل فرد إما الحاج أو السيد أو أبو فلان، وسيعرف الجميع من هو الدكتور ومن هو المهندس حتى وإن كان ما يزال في عامه الثاني في كلية الطب. سيزور كل من ينوي الترشح كل المرضى وسيشارك في كل الأفراح وسينعش ذاكرة الجميع بسرد فضائل الأقارب ومناقب موتاهم.
الكثير من الطامحين والراغبين في الترشح سيدعون أقاربهم الى اجتماعات عامة باسم عشائرهم ويطورون بكائيات حول أهمية أن تتحد العشيرة وتلملم شملها لتدخل الانتخابات بمرشح إجماع واحد يصوت له الجميع باعتبار المرحلة تتطلب التكافل من أجل الفوز على الجماعات الأخرى التي يمكن أن تنافسها.
في حالات محدودة قد تحدث انشقاقات ومعارضة للطروحات التي ترى الانتخابات مقاعد تتقاسمها العشائر، ويظهر في بعض المجتمعات من ينادي بالابتعاد عن العصبية والنظر للمرشحين بعين المصلحة العامة وبعيدا عن صلات القرابة أو النسب التي تفتت المجتمع وتعيق تقدمه. الحوارات التي تجري عبر وسائل الاتصال تكرر أن الانتخابات استحقاق دستوري يمنح المواطن الحق في اختيار من يمثله، في غياب الأحزاب والتنظيمات القوية والفاعلة لا يجد البعض أفضل من تنظيم العشيرة لاستخدامه كقاعدة ومنصة انتخابية.
الكثير من الناس يجتهدون في صياغة خطابات تتحدث عن مصالح العشيرة لكنهم يفشلون تماما في تعريف طبيعة ونوع مصالح الوطن.
في ظل هذا الواقع يجد المرشح نفسه مضطرا لاستخدام خطاب عشائري لا يخلو من الوعود بتعظيم حصص العشيرة مما تقدمه الدولة ومتابعة هموم ومشكلات ومعاناة الأفراد المنتمين للقاعدة الانتخابية لتتحول العلاقة بين المرشح والقاعدة الى علاقة تعاقدية يقوم من خلالها الناخب بانتخاب المرشح ويتولى الثاني خدمة الأول في كل الظروف والأوضاع التي يحتاج فيها الناخب للخدمات.
في مثل هذه الأوضاع، تصبح الحملات الانتخابية جلسات يجتمع من خلالها المرشح مع الناخبين المحتملين ليبرموا صفقة يتعهد من خلالها الناخب أن يصوت للمرشح مقابل أن يهب النائب في حال فوزه لنجدة الناخب في كل موقف يحتاج له. العلاقة التعاقدية التي تبرم بين المرشح والناخب لا علاقة لها بالوطن ولا أولوياته ومصالحه، فهي علاقة قائمة على الخلاص الفردي والعطايا والامتيازات.
في مثل هذه الأوضاع، لا يكترث المرشح لمعرفة الهموم والتحديات التي تواجه البلاد ولا كيف سيسهم في معالجتها، فلديه أهداف مرحلية محددة تقتضي البراجماتية أن يحققها بلا جهد كبير. الهدف الأول هو التعرف على الناخبين المحتملين والتواصل معهم واستمالتهم وإقناعهم بشتى الوسائل، والثاني العمل بكل ما أوتي من قوة على تحصيل منافع وخدمات فردية للأشخاص الذين وقفوا الى جانبه لضمان تكرار التصويت له وللحفاظ على سمعته كشخص ينفذ ما يوعد به.
مفهوم الوطن قد يتقلص بالنسبة للبعض ليصبح كيانا أو إقطاعية صغيرة توفر المنافع والامتيازات، وعليه فإن الشغل الشاغل ينصب على المبالغة في إظهار الحب والانتماء وعقد المقارنات بين حبه وانتمائه مع حب وانتماء الآخرين والمطالبة بأن يحصل على منافع وامتيازات وتسهيلات تعادل مقادير الحب والغزل. بعض هؤلاء الأشخاص لا يرون أن أحدا يعادلهم في الحب والانتماء والولاء، فيودون لو يحتكرون التعبير عن ذلك ويعتقدون أن الأمور لا تستقيم أو تعتدل الا بوجودهم وأن ما عداهم غير قادر على الفهم أو الحب أو التدبير.
الإصرار على مأسسة ثقافة المحاصصة وتشجيع الناس على تعريف أنفسهم كشيوخ ومرشحين لعشائر لا يعكس روح المجتمع الذي يتطلع لتحقيق الانصهار والاندماج لكل المكونات في إطار المواطنة المتساوية البعيدة عن نظرة المحاصصة وتقاسم الغنائم.
-
أخبار متعلقة
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (2-2) عبدالجبار أبو غربية نموذجاً ومُلهِماً !!
-
النمو الاقتصادي السعودي وفي الخليج العربي
-
اتهامات للأميريكيين في عمان
-
نحنحة
-
أسرى لكن برغبتهم ..!!.
-
لا يمكن هزيمة الكاتب (1 - 2) هشام عودة نموذجاً وملهِماً !!
-
إلى متى ستحتمل الضفة الغربية؟
-
اليوم عيدُ ميلادي