الخميس 2024-12-12 03:43 م
 

مكمكات صوتية!!

04:13 م
يواجه مواطن أميركي تهما جنائية من العيار الثقيل بعد أن أطال وأسهب في الحديث ــ حسب معاييرهم (11) دقيقة خلال اجتماع عام، في حين كان يحق له الكلام لمدة (5) دقائق عدا ونقدا فقط لا غير، أي انه تجاوز الوقت المقرر له بواقع (360) ثانية، مما اضطر شرطة بنسلفانيا إلى توجيه تهمة التشويش على اجتماع عام وتجاوز المدة القانونية المقررة .اضافة اعلان


أقل ما يمكن ان يواجه الرجل هو عقوبة السجن لعامين أو دفع غرامة (5) آلاف دولار، مع الفوائد وأتعاب المحامين، والأخيرة تتجاوز الغرامة بكثير.

هكذا إذن، فمن أجل حفنة من الثواني يواجه الرجل العقوبة، ويدفع من جيبه لخزينة الدولة حتى يكفر عن ذنبه ضد المشاركين في الإجتماع العام ... نشكر الله لأننا لا «نتمتع» بالجنسية الأمريكانية وإلا لحاكموا (350) مليون عربي ونيف بذات التهمة، كل يوم. وكل ساعة... وكل دقيقة... وكل ثانية.

ما هي العقوبات التي نستحق، ونحن نمتهن الكلام وجق الحكي منذ قرون ؟؟؟ .... كلام ولا شيء سوى الكلام ... ليس من ذهب الكلام ولا من فضته، لكن من أبغاثه وأوضاره المؤثثة بالمكمكات اللغوية والمنحوتان اللسانية والمحسنات البديعة التي لا تحسن شيئا ولا تحسّن شيئا.

وطن يتمطى بين قارتين ومحيطين (يتضبّع ) في براريه ووهاده وأمصاره ملايين الكائنات الحية التي لا تجيد سوى الاسترسال في الثرثرة والكلام ...أي كلام يا سلام سلم!!!

تصبح خائنا بالكلام، وتصير مناضلا بالكلام وتتهم الآخرين بالخيانة. يساريا بالكلام، يمينيا بالكلام وسطيا بالكلام يسار الوسط ويمين الوسط ووسط الوسط. كله بالكلام أيضا.

.. قومجيا بالكلام ...اسلامويا بالكلام. تقدميا بالكلام. رجعيا بالكلام . مع أميركا بالكلام ... ضد أميركا بالكلام.

الجميع يثرثر ولا أحد يسمع أحد.... حتى الخرسان العرب يثرثرون بكل كفاءة واقتدار وألسنة تفلق الصخر
حتى الطرشان العرب يثرثرون ولا يهمهم ان يسمعوا او يسمعهم أحد. المهم الثرثرة كقيمة اجتماعية ...

حتى الأموات العرب يثرثرون وينتخبون الثرثارين بلا هوادة، ولا قافية.

أوتارنا الصوتية وألسنتنا هي أكثر الأشياء فعالية في أجسادنا المثخنة بالهزائم والانكسارات والمذابح، وهي تعمل مثل الشوكة الرنانة المركّبة على مفاعل نووي عملاق تعمل بلا كلل ولا ملل، في محرك دائم ودائب الحركة.

أتمنى أن لا يحاكمونا على ما نمارسه ونعمل عليه ونفعله من تلويث صوتي للكرة الأرضية، وأتمنى ان لا يجدوا دليلا-ولو ضعيفا-على أن ثرثراتنا هي التي تؤدي إلى اهتراء طبقة الأوزون.

لو حاكمونا على ذلك، لأخذوا نفطنا وماءنا وفوسفاتنا وبوتاسنا وزيتوننا وتمرنا ومانغانا وكسكسنا ومناسفنا وعباءاتنا وأشمغتنا.

كل ما كتبناه ونكتبه هنا هو أيضا جزء من الثرثرات في الهواء الطلق ... هو مجرد كلام. في كلام. في كلام. لا أحد منا بريء سوى الأطفال الذين لم يولدوا بعد، او هم مجرد مشاريع في اذهان ابائهم. لكنهم ؟،في الواقع مؤهلون تماما للانضمام الى جماهير الثرثارين في كل مكان.
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة