الأحد 2024-12-15 06:06 م
 

أبطال الكرامة يروون تفاصيل النصر

01:16 ص

كان الاردنيون على موعد مع النصر المؤزر يوم الخميس الموافق للحادي والعشرين من اذار 1968، وكان لسان حال جنودنا البواسل يقول لن تدخلوا بلادنا الا من فوق اجسادنا مقاومين مانعين لأي عدوان آثم.اضافة اعلان


فعلى طول نهر الاردن ( خط الجبهة مع العدو الاسرائيلي )، وبعد انتهاء فترة ( اليقظة العسكرية) التي تنتهي في الخامسة والنصف فجرأ، وكما توقعت أجهزة الاستخبارات الاردنية، بدأ العدو الاسرائيلي قصفه للجبهة الاردنية على طول النهر بتوقيت واحد.

أبطال ممن شاركوا في معركة الكرامة التي اعادت الكرامة والعزة والثقة بالجيوش العربية وخاصة الجيش العربي الاردني تحدثوا لوكالة الانباء الاردنية عن تفاصيل الحرب والنصر الذي استمر حتى غياب شمس ذلك اليوم.

العمايرة: الكرامة

امتداد لمعركة عام 1967

اللواء المتقاعد محمد رسول العمايرة الذي كان قائد فصيل دبابات يتبع السرية الاولى من كتيبة الدبابات الثالثة الملكية، وموقعه في منطقة المغطس، قال إن معركة الكرامة تعتبر امتداد لمعركة عام 1967، لان الجهة الاردنية مع اسرائيل لم تهدأ بعد تلك الحرب، وبقيت الاشتباكات مستمرة بين الجيش العربي الاردني المستلم الواجهة الاردنية الغربية مع اسرائيل وقوات الاحتلال غربي النهر، في اكثر من معركة واكثر من موقع.

واشار الى ان اشد تلك الاشتباكات ما وقع في الطرفين قبيل حرب الكرامة بأقل من شهر، في 15 شباط 1968، اذ اعتدت القوات الاسرائيلية على القوات الاردنية في منطقة ام قيس، واعتبرت من اشد الاعتداءات الاسرائيلية على الجيش الاردني واستشهد فيها 7 من الجيش العربي الاردني، اضافة الى حوالي 45 من المدنيين المتواجدين في المنطقة، الذين تعرضت مواقعهم الى قصف شديد من المدفعية وسلاح الجو.

وقال ان التحضيرات الاسرائيلية لشن هجوم على المملكة في معركة الكرامة بدأت منذ ذلك التاريخ مشيرا الى انهم ومن مواقعهم العسكرية كانوا يشاهدون تحركات الجيش الاسرائيلي غرب النهر على طول الجبهات من الشمال الى الجنوب، وكانوا يخفون معداتهم في الاودية والمناطق الموجودة غربي النهر، حتى بدأت في الاسبوع الاخير قبل المعركة الاستعدادات على شدتها، واخذت الاستخبارات العسكرية الاردنية تراقب تحركات العدو عن كثب، فاصبحت معركة الكرامة محسومة، وأن الاعتداء الاسرائيلي بات وشيكا.

وأشار اللواء المتقاعد العمايرة الى ان استخبارتنا العسكرية أكدت ان الاعتداء سيكون في يوم 21 اذار 1968، حتى ان القادة قاموا بالعديد من الزيارات الى المواقع الامامية، ومتابعة التحضيرات والاستعدادات لمواجهة الهجوم الاسرائيلي اذا تم.

واوضح انه في يوم 20 اذار، وبهدف رفع المعنويات ومتابعة التحضيرات للتصدي لأي اعتداء اسرائيلي محتمل، زارنا قائد اللواء الذي كنا نعمل بمعيته العقيد بهجت المحيسن ( رحمه الله ) يرافقه قائد السرية النقيب ( انذاك ) فاضل علي فهيد–الذي اصيب لاحقا بجروح اثناء المعركة–وقال لنا: ( اذا رمى العدو عليكم طلقة واحدة، ردوا بمئة طلقة، ولا تنتظروا الاوامر).

وبين ان الجيش الاردني في تلك الايام كان خسر سلاحه الجوي في معركة 1967، وان السيطرة الجوية الكاملة ستكون للعدو الاسرائيلي. فكانت مرحلة اعادة تنظيم سريعة، وبنفس الوقت علينا التصدي لأي عدو اسرائيلي يهاجم اراضينا او يعتدي عل قواتنا على طول الجبهة.

واستطرد قائلا: في تمام الساعة 30ر5 فجرا من يوم الخميس 21 اذار بدأت المعركة، وبدأ العدو الاسرائيلي بالقصف على طول الواجهة وكان هجومه على اربعة مقتربات ( من 4 اماكن ) بنفس الوقت: من الشمال / جسر داميا (الامير محمد )/ والموقع الثاني في الوسط / جسر الملك حسين، والموقع الجنوبي في الغور / جسر سويمة ( الامير عبدالله ).

وكان هناك هجوم تظليلي اخر على منطقة غور الصافي بحيث اشغل العدو كل الجبهة الاردنية من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب.

واضاف: بدأت قواتنا بالتصدي للعدو، والاشتباك معه على الجبهات كافة باستخدام انواع الاسلحة المتوفرة لديه، من مدفعية ودبابات واسلحة مقاومة ميدان، ورشاشات بحيث استغلت بشكل صحيح، وكذلك الامر بالنسبة لنا حيث عملنا على استغلال الارض بشكل صحيح للتصدي لهذا الهجوم الذي لم يكن مفاجئا، وكان الرد شديدا ودقيقا وحاسما.

وقال: اشتبك فصيلي مع العدو غربي النهر، وشوهد موقعين من مواقعهم وقد احترقت وانطلق منها الدخان، وكان العدو على الشكل التالي: حاولوا العبور عن جسر سويمة، وفشلوا بذلك لانها كانت منطقة مقاومة شديدة من قواتنا هناك، وحاول العبور ايضا من المقترب الشمالي / جسر داميا، الا انه لم يتمكن من العبور الا لمسافة قصيرة قبل مثلث المصري واشتبك مع قواتنا هناك اكثر من مرة وحاول اعادة تنظيم نفسه والتقدم باتجاه الشرق الا انه لم يتمكن من ذلك فعاد الى الخلف ولم يحاول العبور من تلك المنطقة مرة اخرى.

وأكمل: نجح في المقترب الاوسط ( جسر الملك حسين ) وتمكن من العبور واخترق الحجابات التي اصبحت خلفه، واتجهت القوة التي دخلت من هناك عبر ثلاثة اتجاهات: الاول باتجاه الكرامة، واشتبكت هناك مع القوات المتواجدة ورافق هذا الاشتباك، انزال قوات مظلية محمولة جوا، كما اشتبكوا مع الجيش العربي الاردني هناك مشيرا الى بعض المقاومة من الفدائيين في قرية الكرامة، وبعدها انسحب الفدائيون باتجاه الشرق نحو مرتفعات عيرا ويرقا والسلط.

القسم الثاني من القوة الاسرائيلية دخلت باتجاه الشونة، نحو موقع صرح الشهيد (حاليا ) واشتبكت مع قواتنا هناك الذين اوقعوا فيهم خسائر كبيرة لم يتمكنوا على اثرها من مواصلة التقدم باتجاه الشرق نحو وادي شعيب. القسم الثالث – وفقا للواء العمايرة–اتجه نحو الكفرين، واشتبك مع القوات المرابطة هناك، وانعزلنا نحن عن قوتنا في الخلف، وبقيت الاشتباكات مستمرة حتى قامت القوات المسلحة الاردنية في تحريك كتيبة الدبابات الخامسة المتواجدة في منطقة طبربور حتى وصلت الى الاغوار.

وقال ان هذه الكتيبة سلكت ثلاثة طرق: سرية سلكت طريق ناعور باتجاه الكفرين واشتبكت مع القوات المتواجدة هناك، وساهمت بتدمير عدد كبير من اليات العدو ومعداته، ومجموعة اخرى سلكت طريق وادي شعيب، حتى وصلت منطقة السد واشتبكت مع قوات العدو المتواجدة هناك، والسرية الثالثة سلكت طريق العارضة حتى وصلت منطقة معدي. وبين ان السريتين الاولى والثانية قاتلتا قتالا عنيفا وقدمتا العديد من الشهداء مشيرا الى ان وصول هذه الكتيبة الى منطقة الاغوار قد رجحت القتال لصالح قواتنا.

وعند الظهيرة طلب العدو وقف اطلاق النار عن طريق الامم المتحدة لكن المغفور له جلالة الملك الحسين رفض ذلك ما دام هناك جندي اسرائيلي واحد على الارض الاردنية، وبالفعل لم يتوقف القتال حتى انسحب العدو هزيمة الى غرب النهر تاركا عددا كبيرا من آلياته ومعداته على ارض المعركة وخسر بالتالي خسائر كبيرة جدا اذ اعلنوا ان ما خسروه في معركة الكرامة اكثر بكثير من خسائرنا في حرب عام 1967.

وقال ان المعركة استمرت حتى مغيب شمس 21 اذار، وأن النصر كان محققا منذ طلبت اسرائيل وقف اطلاق النار مشيرا الى ان جلالة المغفور له الملك الحسين زار ارض المعركة في اليوم التالي، وصعد الى احدى الدبابات الاسرائيلية التي كانت متواجدة وبقيت على ارض المعركة.

الرفاعي:حرب استنزاف

العقيد المتقاعد محمد ضيف الله الرفاعي والذي شارك في المعركة كقائد فصيل من سرية في الكتيبة 1414 التي كانت تتمركز على محور وادي شعيب / تلة الشونة، قال ان الاجواء كانت تشكل حرب استنزاف، لان اليهود لم يتوانوا عن قصف اهداف عندنا، مشيرا الى ان الجيش الاردني كان على اهبة الاستعداد للرد على اي اعتداء.

واشار الى ان حرب عام 67 كانت حربا خاطفة ادت الى غطرسة العدو الصهيوني اذ صار لديه غرور اكثر من اللازم، وكان هناك تبادل في الرمايات بيننا.

وقال ان تحركات اليهود بدأت قبل يوم المعركة بأيام، مشيرا الى ان الحشود العسكرية استمرت على طول خط الجبهة مع اسرائيل، وان كل تلك الاستعدادت كانت واضحة لدينا من خلال تواجد القطاعات على طول الجبهة.

واضاف ان استخباراتنا اكدت ان النية الخبيثة لدى اليهود تتجه نحو قصف اهداف في الاردن وعلى قواتنا، وانهم سوف يقومون بالهجوم على قواتنا بشكل عام. قبل شهر من معركة الكرامة، كنا نعمل ضمن نظام اليقظة الصباحية، فكانت قواتنا وعلى مدار الايام تقوم الى خنادقها وتتخندق فيها استعدادا لصد اي هجوم محتمل من قوات العدو وذلك من الخامسة وحتى الخامسة والنصف فجرا. وأشار الى ان استخباراتنا اكدت في مساء يوم 20 اذار، بان العدو استكمل استعداداته للهجوم، وكان عندنا نفير عام بحيث قد نضطر للحرب في اي لحظة.

في الصباح التالي 21 اذار خرجنا كالمعتاد الى اليقظة الصباحية ما بين الساعة الخامسة، والخامسة والنصف، وما ان عدنا منها، حتى بدأت ساعة الصفر عند العدو الاسرائيلي، وبدأ بالقصف باتجاهنا وعلى طول الجبهة وبنفس التوقيت.

وقال: بدأ الهجوم الاسرائيلي بشكل شرس، وعملت قواتنا على صد الهجوم، وكانت سماؤنا مليئة بالطائرات الاسرائيلية، ولكن سلاح المدفعية لدينا استمات بقصف اهداف اليهود بشكل مستمر. واستطاعت القوات الاسرائيلية ( وهي كبيرة بالنسبة للواجهة ) ان تتوغل وتقطع الجسر نحو شرق النهر، ووصلت الدبابة الاولى مع سيارة جيب واخرى صغيرة تقل القائد العسكري للقوات الاسرائيلية، إلى مثلث الشونة، ولكن–بفضل الله تعالى–كانت قواتنا لها بالمرصاد فتمكن احد مدافع الكتيبة 14 من سلك الطريق الرئيسي حتى وصل مثلث الشونة، حيث ضربته الدبابة الاسرائيلية بالذخيرة، فاستشهد عدد من الجنود الاردنيين، الا ان المدفع الثاني والذي كان يتمركز في الشونة تبادل النيران مع الدبابة الاسرائيلية واستطاع تدميرها على المثلث نفسه، واحرقها، وكنت اول من وصل الى تلك الدبابة لأشاهد الاجساد المحروقة داخلها، اذ كانوا مربوطين داخلها بالجنازير.

واضاف: النصر كان مشهودا ومؤكدا بالنسبة لنا، كان هم الجندي الاردني حماية الحدود من اي عدوان خارجي مهما كان حجمه وعتاده وقوته، فلم تخيفنا الاعداد الهائلة للعدو ولا الامكانات الكبيرة لديه، فمعنوياتنا كانت اقوى من كل الاسلحة لديهم.

واشار الى ان العدو حاول جر الاليات المدمرة من ارض الكرامة ولم يتمكن من ذلك نتيجة كثافة النيران من المدفعية الاردنية.

القيسي: كسر أسطورة

الجيش الذي لا يقهر

اللواء المتقاعد عبد الله القيسي، وكان ضابطا مرشحا، موقعه على معبر الشونة الخلفي في محيط (منطقة صرح الشهيد حاليا).قال ان الحديث عن معركة الكرامة يبدأ بالترحم على شهداء المعركة وارواحهم الطاهرة، وقائد المعركة طيب الله ثراه الملك الحسين بن طلال.

واشار الى ان معركة الكرامة هي التي اعادت الكرامة للامة العربية والجيوش العربية، اذ استطاع الجيش العربي الاردني بالرغم من امكاناته المحدودة وقلة عتاده وسلاحه، أن يوقف الجيش الاسرائيلي من التقدم، واستطاع دحر العديد من الياته، وايقاع الكثير من الخسائر البشرية بين افراده.

وقال ان الجيش الاردني كسر اسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر، وهذا لم يتم لولا عزيمة القيادة وعزيمة جيشنا الباسل في كل مواقعه مصمم على الثبات في مواقعهم، ولم يكن امامهم سوى الشهادة ودحر العدو، او اذا ارادوا المرور فمن فوق اجسادنا مقاومين، وهذا كان نَفَس جنودنا في تلك الايام. واضاف ان اسرائيل حشدت قواتها وامكاناتها واختارت صباح يوم الخميس 21 اذار، وكانت قواتنا على الحدود خلف الحجاب مهمتها تأخير الهجوم من قبل العدو، وتمرير اي معلومة عسكرية مهمة، ولكن ضمن امكانات محدودة.

وبين ان الجيش الاسرائيلي حاول اقتحام قواتنا في الحجاب، وبعد ذلك دارت معارك عنيفة مع جيشنا الذي لم يكن مغطى بطيران، وبالمقابل الجيش الاسرائيلي يمتلك الجو والدبابات المتطورة.

وقال اللواء القيسي ان الجيش الاسرائيلي، وبكل ما اوتي من قوة لم يتمكن من التقدم داخل الاراضي الاردنية لاكثر من 500 م، وان جنودنا الاشاوس قاتلوا باستماتة البواسل، وعلى جنبات الطرق، فيما يحمل العدو الاسرائيلي افضل انواع الاسلحة المتطورة والعتاد، ولم يتمكن من اقتحام معبر الشونة، وتكبدوا خسائر كبيرة.

وقال: جنودنا على مستوى تضحياتهم على جانب الطرق، حاملين اسلحة (م د) تحت مقاومة الدروع، وفي مواقعهم في الخنادق وخارجها، كانوا يحملون روحا معنوية كبيرة، عززت من صمودهم ودفاعهم من وحي عقيدتهم للدفاع عن وطنهم لاننا اصحاب حق نعمل ضد غزاة مهاجمين.

 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة