الأحد 2024-12-15 08:17 ص
 

أخطاء تقدير ومخاطر

08:13 ص

لا يوجد ما يبرر التفاؤل الرسمي بتحقيق أرقام نمو اقتصادي أعلى خلال العام الحالي أو الذي يليه، مقارنة بالسنوات القليلة الماضية. ذلك أن الظروف المحلية والإقليمية لم تتبدل، بل هي ربما في تراجع أكبر.اضافة اعلان

التباطؤ حالة مسيطرة على الاقتصاد منذ سنوات، ولم يكن الأداء خلال النصف الأول من العام الحالي أفضل، وإنما العكس؛ بحيث ظل التراجع سيد الموقف، نتيجة التأثر بما يجري في الإقليم، لاسيما في كل من العراق وسورية، وليبلغ النمو نسبة 2.2 % خلال فترة الأشهر الستة الأولى من 2016. ولا أظن، أيضاً، أن النمو سيتحسن بشكل ملحوظ خلال العام المقبل؛ بحكم انعكاسات اللجوء السوري، كما ظروف المنطقة. بل ويبدو المنطقي توقع تباطؤ نسبة النمو، وبالتالي انخفاضه عما هو مقدر من قبل الحكومة سابقا، على نحو ما حدث في سنوات مضت.
القراءات لنسبة النمو الاقتصادي في العام المقبل متشابهة، إلى درجة كبيرة، بين ما يتوقعه صندوق النقد الدولي وما تتوقعه الحكومة، حدّ اقتراب التقييمين من مستوى التطابق. إذ يرى 'الصندوق' أن الاقتصاد الأردني سينمو بنسبة 3.2 %، كما تتوقع الحكومة، ووفقا لما جاء في بلاغ الموازنة العامة، نسبة تصل لحوالي 3.3 %.
بيد أن هذه الأرقام 'المتوقعة' تصطدم بقراءة البنك الدولي الذي توقع، في تقرير صادر قبل أيام، أن 'لا يزيد معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة خلال العام المقبل عن 2.6 %، وأن لا يزيد على 2.3 % خلال العام الحالي'. وإذ يبدو البنك هنا أكثر تحفظا، إلا أنه في الوقت ذاته أقرب للدقة والحقيقة، قياسا على الواقع الصعب الذي يفرض إيقاعه وتأثيره على المؤشرات. إذ يؤكد 'البنك' أن 'العام الحالي سيكون من أصعب السنوات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تواجه حكومات بلدانها تحديات خطيرة في مجال السياسات'.
حتى النقطة الإيجابية المفيدة للأردن والمتمثلة في أنه مستورد للنفط، مع انخفاض أسعاره عالمياً، تفقد قيمتها وتأثيرها نتيجة الأحوال القائمة في المنطقة، ولتتواضع بالتالي نسب النمو الاقتصادي لدينا رغم تراجع قيمة فاتورة الطاقة، بسبب آثار الحروب الناشبة في البلدان المجاورة، كما تأثيرات الهجمات الإرهابية على السياحة، وتدهور ثقة المستثمرين.
وبوضوح، تتضاءل فرص تحقيق نسب النمو المرجوة والضرورية لتأمين سلامة الاقتصاد في ظل المعطيات المهمة السابقة وسواها، لاسيما تراجع وتيرة استقطاب الاستثمار الأجنبي، بل وحديث أولي عن مغادرة عدد من المستثمرين، عدا عن تراجع النشاط السياحي، لارتباط ذلك بشكل وثيق بالأوضاع الأمنية الإقليمية بدرجة رئيسة، كما عدم جاهزية القطاع بدرجة أقل، بالتزامن مع تراجع الصادرات مقابل زيادة المستوردات.
ومن ثم، فإن المساعي لتحقيق أرقام الإيرادات والنمو المطلوبة تحتاج إلى المضي في القرارات الصعبة ذات الأبعاد الاجتماعية السيئة، من قبيل زيادة الفقر والبطالة وغيرهما؛ كما تزايد العبء على الأفراد والمؤسسات، والذي يجسد بدوره سببا آخر وجيها يعيق تحقيق النمو الاقتصادي المطلوب.
إذن، وعلى العموم، تبقى أرقام النمو وفق أشد التوقعات تفاؤلا، غير كافية للتخفيف من المشكلات الاقتصادية، خصوصا أن النسبة المطلوبة لتحقيق ذلك تتجاوز 6 %. وهو ما يعني، طبعاً، بقاء الحالة الاقتصادية عرضة لمزيد من الانتكاسات، كما يعني أيضا العجز عن تخفيض معدلات البطالة، لاسيما بين الشباب، وهو المؤشر الذي يُعدّ الأخطر على الإطلاق أردنيا.
أخطاء التقديرات ليست جديدة. والتفاؤل غير المدروس بشكل عميق، يوقعنا في مزيد من المشاكل. ومخاطر الخطأ كبيرة، كونها تجعلنا في كل مرة نضع أهدافاً ونبني أمالاً لا تتحقق، مع ما لذلك من دور رئيس في تعميق الشعور بالإحباط لدى شبابنا تحديدا.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة