هو الابن الشرعي لثقافة الكراهية، وقيمها السائدة. ليس ثمة تفسير آخر للعمل البغيض الذي أقدم عليه الإرهابي سلمان العبيدي بمدينة مانشستر.
عائلة الإرهابي لجأت إلى بريطانيا هربا من ظلم القذافي، وهناك ولد وترعرع العبيدي؛ في مجتمع متحضر ومتنوع يحترم حقه في الحياة الكريمة. لكن الكراهية للآخر التي تشبّع بها من محيطه المغلق انتصرت على كل ما تعلمه من قيم إنسانية في المجتمع البريطاني.
انحاز لأكثر التيارات ظلامية في التاريخ، وعاد لينهل من جذور ثقافته الأولى في بلده الأصلي. غادر بريطانيا إلى ليبيا وعاد إليها ليرتكب جريمته البشعة.
لا هدف محددا عنده، هي فقط رغبته بقتل من يختلف معه في الثقافة والمعتقد، وإلا لماذا اختار حفلا موسيقيا لفتيات وفتيان صغار؟!
فقط لمجرد أنه الهدف المتاح لممارسة هوايته بالقتل، وإن لم يتوفر فله أن يدهس المارة في الشوارع، ويبقر بطون الناس في المتاحف والمطاعم.
الولاء لداعش لا يكفي وحده لتفسير ما حصل، ثمة دوافع أعمق في داخله؛ ثقافة تربى عليها، منحته فرصة الانتساب تلقائيا لإطار تنظيمي، بات هو التعبير الأصيل عن تيار اجتماعي عريض في مجتمعاتنا، يرفض الآخر، ويزكّي قتله، ويفرح من داخله عندما يسمع الخبر العاجل عن قوع التفجير الإرهابي.
عائلة الإرهابي العبيدي كما عوائل من سبقوه من منفذي العمليات الإرهابية ليسوا أبرياء، لهم الدور الأساس فيما حل بأبنائهم. ثقافة الكراهية تشرّب بها في منزل العائلة والمحيط الاجتماعي المنغلق على نفسه لملايين المهاجرين في الغرب. لهم مدارسهم الخاصة ورفقتهم المنطوية على نفسها، وعالمهم الخاص خارج المجتمع الكبير الذي يعيشون فيه.
العبيدي هو التعبير الأصيل عن الانفصام الحضاري الذي يعاني منه كثيرون، وعن ثقافة الانغلاق التي تتحكم بعقول الملايين في مجتمعاتنا.
سنسمع تبريرات سخيفة لجريمة العبيدي، تحمّل في مجملها الغرب المسؤولية عما آلت إليه الأمور في بلداننا، وكلها تصب في خانة التطبيع مع القتل والوحشية.
لكن أحدا لا يصارح نفسه بالحقيقة، ولعل حالة العبيدي خير مثال، فعائلته كانت لتلقى الموت أو السجن طوال حياتها لو بقيت في ليبيا، هرب والده ووالدته إلى بريطانيا للنجاة بحياتهما، ولينعما بالاستقرار، فهل يستحق البريطانيون من ابن العائلة المنكوبة بحكم القذافي رد الجميل بهذا العمل الجبان؟
لقد ولد العبيدي في بريطانيا، وكان يتمتع بفرصة لبناء حياة حافلة بالنجاحات، يتمناها الملايين من أقرانه، لكنه ظل وفيا لجذوره الثقافية، محتفظا بفيض من الكراهية، ليفجرها يوم أصبح قادرا على تنفيذ الواجب الإرهابي.
في حالة العبيدي ليس مهما أن تكون منتميا لتنظيم داعش لتكون إرهابيا، المهم أن تنهل من مخزون الفكر الظلامي، لتصبح مؤهلا لهذا الدور، داعش في هذه الحالة تحصيل حاصل.
قريبا ستندثر إمارة داعش في الموصل والرقة، لكن العبيدي وأمثاله من الإرهابيين باقون بيننا لزمن طويل، مشروعهم الثقافي يزدهر وينمو كل يوم وفي كل مكان.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو