الأحد 2024-12-15 08:33 ص
 

اسقوني .. اسقوني !

09:11 ص

ما زالت (الهامة) التي خرجت من راس الرئيس عرفات يوم سُجي في ضريحه في رام الله تلف عواصم الارض من العربية الى الدولية ومن رام الله الى غزة..ومن مدن الفلسطينيين المحتلة وقراهم الصامدة في الوطن وإلى كل المنافي من مخيمات وتجمعات ومعتقلات..تقول «اسقوني..اسقوني» فما هي هذه «الهامة» ومتى تكف عن المناداة؟ وهل تصل رسالتها وتستقر روح الراحل عرفات بالراحة وبالسكينة والهدوء أم تبقى تصرخ وإلى متى؟اضافة اعلان

في الأسطورة التي نقلنا عنها المطالبة «اسقوني» ان القتيل أو المغدور حين يقتل ظلماً أو يكون صاحب جاه ومنزلة ونفوذ في قومه يخرج من رأسه طائر اسمه «الهامة» ويحلق فوق قبره (طبعا في رام الله الان) قائلاً: «إسقوني»..»إسقوني» أي اسقوني من دم قاتلي حتى يؤخذ بثأره وقد أشار أحد الحكماء الى ذلك وهو ذو الاصبع العدواني..
وهذا الطائر «الهامة» الذي حط في عواصم عربية لم يسمعه أحد رغم علو صوته لأن السمع فيها قبل الربيع العربي ثقيل..وهو يحط الآن مجدداً في رام الله وغزة بعد ان غادر سويسرا أخيراً ليخبر الشهيد (عرفات) عن كل شيء..وهو ما احس به قبل ألف وخمسمائة سنة أمية بن الصلت في قوله..
«هامتي تخبرني بما تستشعروا.....فتجنبوا الشنعاء والمكروهان»
الطائر الأسطورة يتردد على ذوي القتيل (الشعب الفلسطيني ومن شاء من الشعب العربي ويخبرهم عن معاناة القتيل ويطلب منهم الأخذ بثأره ثم يعود ويخبر الميت عن كل شيء..
ماذا الآن؟...ماذا يقول أهل الميت في الاجابة على اسقوني؟..وكلهم يعرف انه مات مغدوراً وقد كشفت سويسرا (للهامة) أن قاتليه قد استخدموا «النووي» في اغتياله وأن ادانة القاتل تعوزها المحكمة الدولية التي لا بد لها من ادعاء ومحامين وورش عمل واتصالات فعرفات ليس أقل من الحريري..
الذين كشفوا الأوراق مجدداً ووضعوا السماعات لاعلاء صوت الهامة بكلمة «اسقوني» ماذا أرادوا؟ هل أرادوا الوصول الى الحقيقة؟ أم أرادوا زرع الفتنة مجدداً؟ وحبس نبض القبيلة ان كانت قد تخلت عن قائدها أم أنها ما زالت تطالب بدم قتلته؟ وهل يخرج من الفلسطينيين من يقول ما قاله امرؤ القيس حين قتل والده حجر بن أوس الكندي (آكل المرار ذي القروح) حين وصله خبر قتله (ضيعني صغيراً وحملني دمه كبيراً) هل جاء هذا المولود؟ هل كبر الان ليأخذ بثأر الراحل عرفات؟ وهل نسمع منه ما قاله امرؤ القيس يوم خرج لملاقاة قتلة والده..(أقسم على نفسي ان لا أشرب الخمر ولا آكل اللحم ولا أغازل النساء حتى أثأر من قتلة أبي والبسهم الدروع المحماة على النار وأمثل بهم)..
عرفات رحل وقد ترك في أعناق اتباعه ديوناً ترك دمه كجزء من دم الشعب الفلسطيني الذي لا يتميز فيه عرفات الا بدوره..فقد سبقته قافلة من الشهداء على مدى قرن من الزمان ونيف من الذين ما زالت هاماتهم تصرخ «إسقوني»..من «أبو جهاد وأبو شرار وخضير والكبيسي والرنتيسي وأحمد ياسين والبحبوح وعبد القادر الحسيني (قتل في غرفته في الكويت بنفس طريقة قتل البحبوح) وأبو علي مصطفى وعشرات غيرهم من القادة وحتى من الأجانب الذين ضحوا من أجل عدالة قضية فلسطين مثل الكونت برنادوت والمتضامنة الاميركية التي قتلتها اسرائيل دهساً بجرافة «راشيل كوري» ...
الاستجابة الفلسطينية لهامة عرفات بدأت الآن على كل المستويات واذا كان من استصرخوها للخروج على حق او باطل في مثل هذه اللحظات فإن استجابة القيادة الفلسطينية جاءت مناسبة وما زالت تختبر المشهد فالمطلوب قبول التحدي وتحميل «الهامة» رسالة الى عرفات أن دمه لن يذهب هدراً وأن من «أضاعوه صغيراً وحمّلوه دمه كبيراً من الشعب الفلسطيني» قادم ليسكت الهامة !!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة