في خضم كل المتناقضات العقلية والنفسي التي نعيشها لا أعرف إن كنت أجيد الاستماع أو الحديث, فما رضيت يوماً ولا هذا رضاء حقيقياً كاملاً, أنا اليوم أجيد الصمت أكثر أمام أبسط الأسئلة التي توجه إلي لكنه صمت يغلفه حيره لما نحن فيه من ضياع.
غريب هو أمر العرب بحق, انتشرت بعض النداءات عبر موقع التواصل الاجتماعي 'الفيس بوك' يوم أمس 'يوم عرفة' تدعوا إلى الانضمام والالتفاف حول شعار 'أنا ما بعيد وأطفال سوريا عم تستشهد' ونداء آخر قبيل أيام من ذلك بأيام ملخصه 'أليس الأولى أن يعلق الحج هذا العام لإشعار آخر حداداً على أرواح أبرياء سوريا؟؟'.
هل يعقل هذا ؟؟ أولا دعونا نلتفت إلى الدعوة بتعليق الحج. الحج فرض عين على كل مكلف مستطيع بالعمر مره, وهو ركن من أركان الإسلام فرضيته في الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقد قال تعالى: { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلا , وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ } آل عمران / 97. فَهَذِهِ الآيَةُ نَصٌّ فِي إثْبَاتِ الْفَرْضِيَّةِ. وأما السنة فمِنْهَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : { بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ : شَهَادَةِ أَنْ لا إلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , وَإِقَامِ الصَّلاةِ , وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ , وَصِيَامِ رَمَضَانَ , وَالْحَجِّ } . وَقَدْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ : { بُنِيَ الإِسْلامُ } فدل على أن الحج ركن من أركان الإسلام. وأما الإجماع: فقط اجتمعت الأمة على وجوب الحج في العمر مرة على المستطيع, وهو من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة يكفر جاحده. الموسوعة الفقهية ج/17 ص/23
فكيف تدعوننا بالله عليكم إلى تعليق الحج وبأي الثقافات والديانات وتحت أي طقس وانتماء وفكر 'إن وجد' تفسرون ذلك؟؟؟ هل تعلق العبادة حداداً على أحد؟ هل علقت على وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام؟؟ لا أستغرب لو أنني وجدت أحدهم يدعو إلى تعليق الصلاة أو الصيام وربما الدعاء حجه ساذجة منه 'قاصدا أو غير قاصد' حدادا على أرواح الشهداء.
أما فيما يتعلق بدعوتهم 'أنا ما بعيد وأطفال سوريا عم تستشهد'. يوم العيد يمثل وسطيه الدين, بهدة النفس مع صفاء العقيدة, أيمان القلب مع متعه الجوارح, العيد في حساب العمر أيام معدوده ومعلومة ومناسبة لها خصوصيتها. يقع هذا العيد شكرا لله تعالى على العبادات الواقعة في شهر ذي الحجة, وأعظمها اقامة الحج, فكانت مشروعية العيد تكملة لما اتصل وشكراً لله تعالى على نعمه التي أنعم بها على عباده, وتكريما من الله لجميع المسلمين بأن جعل لهم عقب الأعمال الصالحة وعقب يوم عرفة عيد الأضحى. وإظهار الفرح والسرور في العيدين مندوبٌ ومن شعائر هذا الدين الحنيف. بل إن طلاب الآخره وأهل الفضيلة لأشد فرحاً وسروراً بثمره عمله ونتاج جهده. لا أريد أن أسهب هنا أكثر ما دمت وحسبما أعتقد أنني شرحت ما يكفي فيما يتعلق بفرحة العيد.
لم يكن فرحُ المسلمين في أعيادهم فرحَ لهوٍ وَلعِب تُقتحَم فيه المحرَّمات وتنتَهَك الأعراض وتُشرَّد فيه العقول أو تُسلَب, إنما هو فرحٌ تبقى معه المعاني الفاضلةُ التي اكتسبَها المسلمُ مِن العبادة.
وفي عودة لموضوعنا, ودعوة هؤلاء إلى تعليق الحج أو اطفاء فرحة العيد حداداً على أرواح الشهداء – مع التأكيد على احترامي ووقوفي اجلالاً لأرواح الشهداء وتقديم احر التعازي لذويهم سواء شهداء سوريا أو فلسطين أو العراق او غيرهم – لكن انتقادي كيف تدعوننا لمثل ذلك وفي أي عقيده وفكر؟؟. الأمر الآخر, جميع من تتبعت دعواتهم تلك كان بعضهم قبيل سويعات من دعوته تلك إما في مطعم يمضي ساعات بهجه مع أهله أو رفاقه, وبعض آخر كان في نزهة, وآخرين يتجولون في الأسواق ويسردون لنا باسهاب ولهفة أحداث وأحوال الناس, والبعض الآخر لا يكف عن المزاح والمداعبة عبر صفحات التواصل مع تلك أو ذاك.
فبالله عليكم كيف تريدونني أن اقتنع بطرحكم - بعيداً عن أن الحج وبهجة العيد كلاهما عبادة, بأي حق تسمحون لأنفسكم بإطلاق تلك الدعوات وبأي حق تسمحون لأنفسكم بوصف اظهار السرور في العيد بـ 'السخافه والتفاهه'؟؟ يا أنتم .. يا من لا تنصهرون ضمن 'تفاهه' ماذا فعلتم انتم؟؟؟
أمر آخر تعجبت وما زلت اتعجب منه, كيف تختصرون وطن العربي والإسلامي بأكمله في 'سوريا الحبيبة' فقط, ألا تجدون أن هذا قصر نظر وفكر منكم؟؟ إن لم تعوا ذلك, أنا أقولها لكم أجدكم قاصرين فكريا ووعياً أيضا. ألا يقتل أهلنا في فلسطين شيوخا وشبابا وأطفالاً ونساء على يد الصهاينه؟؟ ألا يقتل أهلنا في العراق وأفغانستان وبورما وغيرها وغيرها وغيرها وينكل بهم في تلك الدول؟؟ أي فكر تحملون بالله عليكم.
جميعها حروب إبادة جماعية في سوريا الحبيبه وفلسطين الغالية والعراق الإغلى وليبيا وغيرها وغيرها وغيرها.. ألا تعتقدون أن الفكر السليم لأمر في غاية الأهمية؟؟ قبل اطلاق أي دعوة حتى وإن كانت دعوة لثورة؟؟
لا تحيا ولا تنتصر الأمم بفكر مترهل منغلق, يطلق تأوهات الإعجاب لأي نداء يطلقه أشخاص تراءى لأنفسهم أنهم يمثلونهم ويمثلون الحرية التي ينشدون فقط لأن اصواتهم كانت الأعلى, هؤلاء من نقصدهم بمن يحملون شعارات وبندقيات لم ولن تكون يوما لهم ولا تربطهم بها أية صلة. لم يخجل أحدهم أن ينتفض وقوفاً قافزاً كالزمبركات كلما أطلق أحدهم دعوة دون أدنى بحث أو اعمال لعقل وتجده يتبناها, والمخجل أنه يتبناها اسما فقط وربما مثله مثل مطلقها.
إذن هل الثورة حلم يا سادة؟؟ الأبراج لا تعترف بالثورة لأنها طويلة وقاسية الملامح وزجاجها غامض, أفكر .. هل سأجدني يوما ثائرة؟؟ وصوتي يزمجر في الأزقة؟؟ أتفق مع نفسي أن ما تابعت من تلك الدعوات ما هم إلا مشاريع ثوار نائمة.
ألم تعوا بعد أن الفكر السليم أساس لا بد منه؟؟ بالله عليكم كيف تريدون منا الانخراط معكم ولو باعتصام على سبيل المثال ونحن نجد فكركم متأرجح؟؟
فما دعواتكم إلا كلام لذر الرماد في العيون, فأنتم كمن يقول كل شيء ولا يقول شيء, أنت من تصلحون لكل الفصول.
يقال إن أقصر قصة كتبها إنسان هي التالية: 'رجل ولد وعاش ومات'. وأنا أعتقد أن سيرتي - شأن أي مواطن آخر في أوطاننا الجميلة - يمكن أن تروى على النسق نفسه, بشيء من التطويل، لتكون كالتالي: 'رجل ولد ولم يعش ومع ذلك سيموت'.
أحمد مطر
باتريشيا أحمد الحجاوي
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو