الخميس 2024-12-12 08:37 ص
 

الإعلام الأردني الجديد يتذوق الحرية .. و«البلطجة»: تحالف مع الحراك يصبّ عليه غضب النظام

12:17 م

الوكيل- هبت نسائم «الربيع العربي» مبكرة على الأردن لتعيد صياغة مشهد الشارع الذي غابت عنه الحركة لسنوات طويلة، وينتقل بفعلها في اقل من عام من صيغة المفرد إلى صيغة الجمع، اثر بروز العديد من الحركات الشعبية والشبابية التي أخذت حيزا إلى جوار الأطر التنظيمية التقليدية في المطالبة بإصلاح شامل. شارع الإعلام الذي رزح طويلا تحت سيطرة أدوات النظام، لم يكن بعيدا عن تنفس نسائم الربيع، فوجد الحديث منه، ممثلا بالمواقع الالكترونية، في الاحتجاجات التي انطلقت في مطلع العام 2011، متراسا يحتمي فيه لتجاوز الخطوط الحمراء التي تخطاها إلى حد كبير، فيما أجبر الرسمي وشبه الرسمي منه على تغيير مواقفه، ولو جزئياً، للهروب من وصمة العمالة التي بات يتهم بها. اضافة اعلان


توسع الحريات الإعلامية في ظل «الربيع العربي» يشير إليه تقرير صادر عن «مركز حماية وحرية الصحافيين» في مطلع أيار الماضي، وهو خاص بالعام 2011 حتى تاريخ صدوره. ويرى 15.4 في المئة من الصحافيين بحسب التقرير أن الحريات الإعلامية تقدمت بشكل كبير، مقارنة بنسب تقترب من الصفر في تقارير مشابهة صدرت في السنوات الماضية.

إقرار نسبة من الصحافيين بتطور الحريات الإعلامية جاء مصحوبا بتسليمهم بدور الإعلام الحديث في حمل لواء التقدم، إذ أقر 83 في المئة منهم بذلك، برغم الانتقادات التي يوجهونها للمواقع الالكترونية وعلى رأسها مطالبتهم بتنظيمها وفقاً لمدونات السلوك المهني.

المدير التنفيذي للمركز نضال منصور امتدح اثر «الربيع العربي» على واقع الإعلام الأردني، وأفاد «السفير» بأنه «ما كان للإعلام الأردني أن يحقق هذه القفزة لولا ما شهدته المملكة من احتجاجات شعبية»، وبحسب كلامه فقد وجد الإعلام في الحراك الشعبي سندا وداعما له.

ويبدي منصور عدم تفاؤله بأثر «الربيع العربي» على الإعلام الرسمي، ويقول إن «الإعلام الرسمي لم يصله ربيع الثورات على عكس الإعلام الحديث»، ويبين أن مؤشرات الحرية للإذاعة والتلفزيون الرسميين ووكالة الإنباء الرسمية «بترا» تراجعت حيث ما تزال تلك المؤسسات تنصاع للرقابة الرسمية.

منصور وهو يمتدح تراجع الرقابة الذاتية عند الصحافيين وتدخلات الأجهزة الأمنية وحجب المعلومات، يتخوف من ظاهرة جديدة برزت بشكل صارخ ضد الإعلاميين ألا وهي الاعتداءات الجسدية التي سجلت خلال العام 2011 أعلى مستوياتها بـ160 انتهاكا رصدها التقرير وتراوحت بين اعتداءات بالضرب والتهديد بالقتل، وهي ظاهرة يصفها منصور بـ «البلطجة ضد الإعلام» تتماهى بحسبه مع ما يعانيه الحراك من بلطجة موجهة ضده.

الكاتبة والخبيرة الإعلامية لميس أندوني تدافع عن الفضيلة التي خلفها «الربيع العربي» على الإعلام العربي، وتقول إن «الانتفاضات العربية أزالت حواجز كثيرة وخلقت مساحات أوسع للحرية الصحافية برغم إرادة الحكومة وأجهزة الاستخبارات المعاكسة».

الحرية التي قادتها المواقع الالكترونية بحسب أندوني أعطت مساحة للحراك الشعبي ومطالبه، حتى أصبحت مرجعا لتوثيق الحراك، لكنها تحمل على المواقع فقدانها للمهنية في بعض الأحيان نتيجة للانحياز الواضح للحراك.

انحياز المواقع للحراك تحول إلى تحالف في اللحظة التي أقدمت فيها الجهات الأمنية على اعتقال صحافيين، ليخرج الحراك الشبابي والشعبي في مختلف المحافظات في مسيرات احتجاجية للمطالبة بالإفراج عنهم ، كما حدث في حزيران العام 2011 عندما اعتقل ناشر موقع «خبر جو» الصحافي علاء الفزاع الذي حاكمته محكمة امن الدولة بتهمة مناهضة نظام الحكم على خلفية خبر يتحدث عن حملة تطالب بإعادة الأمير حمزة بن الحسين وليا للعهد بدلا من الأمير الحسين بن عبد الله. الناشطون قالوا يومها إن وقوفهم مع الفزاع جاء ردا للدين.

الحال نفسها تكررت عند اعتقال ناشر موقع «جراسيا» الصحافي جمال المحتسب منتصف نيسان العام 2012.

أندوني ترصد حربا شرسة في مراكز صناعة القرار حول واقع الإعلام تؤثر بحسب رأيها على النضال من أجل حرية الصحافة، وتقول «نتيجة للصراع بين السلطات والصحافيين ستعتمد على قوة الحراك وتأثيره على الناس وعلى تصميم الصحافيين وقدرتهم على حماية مكتسباتهم».

الصراع عُبّر عنه بشكل واضح عندما تقدم وزير الاتصال والإعلام راكان المجالي المتحدث الرسمي باسم حكومة عون الخصاونة المستقيلة في نيسان الماضي إلى نقابة الصحافيين حاملا إصلاحات وصفت بـ «التقدمية» من قبل غالبية الصحافيين.

هذه الإصلاحات تقوم على وضع «فيتو» على توقيف الصحافيين أو تغريمهم أو مثولهم أمام محكمة امن الدولة، وحصر محاكمتهم في القضاء المدني على قضايا المطبوعات والنشر لتسهيل تأطير المواقع الالكترونية.

احد أوائل العاملين في الصحافة الالكترونية في الأردن، ناشر موقع «جو 24» الصحافي باسل العكور يبدي نظرة تشاؤمية حيال واقع الإعلام حتى في ظل «الربيع العربي»، ويقول إن «الإعلام في أسوأ حالته». وبحسب رأيه فإن «التوغل الأمني ما يزال يعصف بحالة الحريات الإعلامية، مستشرسا بعدما ارتفع سقف المطالب الشعبية والجهات التي يوجه لها النقد». العكور يبوح لـ«السفير» بأنه «في مراكز القرار هناك من يعتقدون أن الإعلام من يصنع الحدث وبالتالي هم يدفعون باتجاه تشديد القبض على الإعلام لوأد الحراك».

رئيس لجنة الحريات الإعلامية في نقابة الصحافيين الأردنيين جهاد أبو بيدر يرى أن الانتفاضة الإعلامية لن تخبو حتى لو خبا الحراك، وينصح الحكومة في حال ما يزال لديها بعض من الذكاء بالابتعاد عن محاولات خنق الحريات الإعلامية حتى لا تجد نفسها أمام نتيجة عكسية.

ابو بيدر يؤيد ما يذهب اليه العكور حول اتهام الاعلام بالمسؤولية عن ارتفاع وتيرة الحراك، وهي تهمة ينفيها من دون ان يجد حرجا من مساندة كل منهم للآخر للوصول إلى حرية كاملة لوسائل الإعلام الخاص والرسمي.

قصي جعرون - السفير اللبنانية


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة