البربوش

حصلت على شهادة الأيزو في مجال البربشة والهردبشتية منذ (مزغري)، وقد تبينت مهاراتي في هذا المجال مبكرا، ولا علاقة لذلك بالفقر فقط، اذا رغم البؤس الذي كنا نحياه،الا ان أخي نبيل كان يلبس برابيشه بأناقة مطصنعة.اضافة اعلان

وقد استمرت حالة البربشة معي حتى ساعة اعداد هذا البيان، وهي تتسرب كالرائحة العشوائية في كامل تفاصيل حياتي ، لكنها تتبدى أكثر وأوضح في مجال الملابس.
رغم أني لست بخيلا ، وراتبي يتطاير كالعهن المنفوش على اي شئ – انا كائن استهلاكي- الا انني اتردد كثيرا جدا قبل شراء بنطلون او بلوزة او كندرة، حتى لو كانت من البالة ، وأتحول الى بخيل مخضرم يحرص على القرش أكثر من حرصه على حياته.
هذه البربشة حولتني (هردبشت) الى كائن متلق للمعونات من الأقارب والأصدقاء ، الذين يرسلون لي برابيشهم التي زهقوا منها- مجانا طبعا - فأنا حاليا اكتب وأنا ارتدي قميص عطا حتر وجرزاية يعرب كرادشة وبنطلون أخيه يسار ، بالطبع فان الأمر لم يصل بعد الى الملابس الداخلية .
متفق عليه بين الأصدقاء بأنني ارتدي الوانا متناقضة ولا تصلح للتناسق في ما بينها(طبعا هردبشت) ، لأن موضوع التناسق هذا يتطلب منى اجراء تنسيقات عالية المستوى بين المانحين ، وهذا مستحيل ، اضافة الى انني لا امتلك ذائقة لونية ، فيعرب يتخلى عن جرزايته الكحلية لأن بها ثقبا عند الكوع اليسار، وعطا حتر يتخلى عن قميصه الأصفر لأنه عمل ريجيما قاسيا وصار كبيرا عليه ، وهكذا مع الجميع.
راح الجد واجا المزح، فدولتنا هي مثلي بربوشة في بربوشة في بربوشة، فهذا يتبرع لنا بمفاعل نووي نص عمر ، وذاك يمنحنا طيارات انتهت خدمتها خلال الحرب العالمية الثانية ، وتلك ترسل لنا مجموعة من الخبراء هم في الواقع قدموا الينا من ملجأ العجزة، وقد تبرعوا بأن يصبحوا خبراء عندنا لتطيير الزهق لا غير .
كذلك مشاريعنا التي تعتمد على المنح فهي بربوشة في بربوشة ، ففي الوقت الذي نحتاج فيه الى استخدام القرش على الوجهين ، يتم طرح عطاء توسيع طريق المطار مثلا ليتحول الطريق الى مدرج طويل جدا، بينما طرق عمان وباقي المملكة حبلى بالحفر والجور والتصدعات ، وبعضها تخلى عن اخر نقطة زفته قبل سنوات، وبينما حياتنا البرلمانية في مهب الريح نغير نوع الرخام في مجلس الأمة ، فيصير عصريا اكثر من اللازم لا يتناسب مع فجاجتنا.
اعتقد ...وصلت الفكرة ، وأتمنى ان لا تصل البربشة الى الأواعي الداخلية!!
وتلولحي يا دالية