الأحد 2024-12-15 04:18 ص
 

البقاء على عرشه الدامي

12:29 م

هل بات على الشهداء أن يلملموا أشلاءهم، ويرفعوا وجوههم رايات بيضاء اعتذاراً من مقام السيد الأبد؟. أم على المشردين في أصقاع المنافي أن (يبوسوا) التوبة سبع مرات؛ لأنهم جرؤوا ذات يوم وقالوا (لا) لهذا الأسد؟ أم سيبقى على الحق أن يرخي رأسه خجلاً، وينخرط في موجة بكاء عارمة ندماً لأنه أراد مقارعة براثن الباطل؟ اضافة اعلان


ثم من قال إن للحق ضربة لازم أن ينتصر على الباطل من أولى جولته؟ من قال إن انتصار الباطل أزمنة مديدة يصبغ عليه ملحة حق، أو يمسح عنه طغمة قتل وسواد ظلم؟ أو يجعل منه حقاً مهما ساد في عرض البلاد وطولها؟.

بل من قال إن الطغاة لا يمكنهم أن يخمدوا ثورة قامت ضدهم؟ وأن يعودوا إلى عروشهم بعد أن يشردوا أهلها؟ فهذا معروف بأفق الإنسانية وعمقها، فلا عجب أن يرتقي الباطل جثة حق أزهقه.

يتباهى النظام السوري بالوصول إلى معبر نصيب، تحت راية الجيش الروسي، ويرونه هذا الفتح نصرا على قوى الشر. فبأي انتصار يتشدقون؟ أي انتصار والدماء والتشريد والتهجير والخراب تملأ البلاد.

لم أكن يوما إلا مع الدولة السورية، وحين وقفت مع ثورة من خرج بصدره العاري للمطالبة بالإصلاح والحياة الكريمة كان في البال نهضة هذه الدولة التي نحب. لكن النظام العنجهي اختصرها بكل مكوناتها وقرنها ببقائه على عرشه الدامي، حتى ولو على رمادها المذرور في رياح الضياع.

لم تمر ثورة في العالم بما مرت به الثورة السورية من اختطافات وامتطاءات وخروقات. بدأت سليمة حتى بعد أن قمعها الطاغية بالرصاص. ثم شيطنها وأوغل في الاستبداد، حتى غدت البلاد مستنقعاً لكل جراثيم الإرهاب وخبائثه.

ضاعت الثورة وسكت العالم عن أعتى طاغية لاعتبارات سياسية مصالحية. وهذا سيتيح القول أن من أسهم ببقاء النظام الدامي هم داعش وأخواتها، إذ انصرف العالم عن ثورة كانت جديرة بالدعم إلى مواجهة جماعات جذور إرهابها متحت وتمتح من تربة هيأها النظام بكل حنكة وقبح.
عن اي انتصار يتحدثون وثلث الشعب بين مهجر ولاجئ، وأكثر من نصفه غارق في الفقر والبؤس. هل النصر أن يبقى السيد الرئيس إلى الأبد فوق عرشه الدامي؟ طيب وماذا بعد؟. ماذا بعد أن صارت خيوط الدولة السورية بيد روسيا وإيران، وأصبحت البلد طاولة قمار لعهر السياسة الدولية.

هي صولة نال فيها الباطل من الحق، كما حدث في حقب كثيرة من التاريخ البشري. لكن الحياة صولات وجولات. فلا حدث أن وصلت شجرة الباطل إلى سماء سابعة، ولا حدث أن نجا طاغية من دم ضحاياه، حتى ولو تدرع بقشور انتصار موهوم.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة