الأحد 2024-12-15 04:17 ص
 

التوجيهي ومعضلة البديل

01:23 م

احتشد العشرات من طلبة التوجيهي غير الناجحين أمام وزارة التربية والتعليم، واعتصموا لأيام أمام مجلس النواب، وهم يهتفون بشعار: ناجحين والشاهد الله. وسمعنا روايات عن نتائج غير منطقية، مثل رسوب طلبة متفوقين جدا، وحصول العكس أيضا؛ وإسناد علامات لطلبة في مباحث لم يقدموها، والعكس صحيح أيضا؛ وغيرها من أمور لا تتصل بعملية التصحيح نفسها، بل بإسناد الأرقام لأصحابها الفعليين. وفي هذه الحالة الأخيرة أعتقد أن واجب الوزارة أن تتيح تدقيق الأرقام لكل من يرغب في ذلك، وهذا أمر مختلف عن مراجعة عملية تصحيح الامتحان نفسه التي لا يسمح بها القانون، إذ يعتبر النتائج قطعية، وهذا منطقي؛ لأن كل طالب قد يرغب في مراجعة ورقته ورؤية تصحيحها حتى لو كان معدله تسعة وتسعين.اضافة اعلان


لكن الشكوك تتسع لتشمل نزاهة التوجيهي نفسه، لجهة عمليات بيع وشراء وتمرير مسبق للأسئلة، كما عمليات غش على نطاق واسع، وما الى ذلك مما يلطخ صورة امتحان الثانوية العامة العريق الذي قاوم البعض أي تغيير عليه أو تفكير في إلغائه بوصفه آخر حصن في البلد للاستقامة والنظام الذي لا يحابي أحدا، وأداة تقييم يجب صونها لغايات القبول في الجامعات لمختلف التخصصات. وحتى بدون غش أو تمرير للأسئلة، فإن الارتفاع المدهش وبعدد وافر للمعدلات، عاد يطرح تساؤلات. فقد أصبح نيل مقعد في كلية الطب عزيزا حتى على من يطاول معدله 98 مثلا؛ فهل يعقل أن يصبح الهدف معدلات تقترب من المائة؟ وهل يعقل أن يحرم طالب بمعدل عال جدا من الطب أو الصيدلة أو الهندسة بفارق كسور من درجة مئوية؟

في كل الأحوال، وبسبب اعتبار آخر هو التيسير على الطلبة وأن لا تختصر فرصة تقييم الطالب في مناسبة واحدة، تمت تجزئة التوجيهي إلى فصلين. ومؤخرا، دار التداول حول تمديده على آخر عامين؛ كل عام فصلان. وقد سمعت ردود فعل سلبية من أوساط من الأهالي، تقول: إنكم تريدون أن نعيش على أعصابنا أربع مرات على مدار عامين، ونحن نتمنى لو يختصر التوجيهي إلى مرة واحدة، مع تقليل عدد المباحث.

منذ أعوام ونحن نطالب بالتغيير، لكن ها نحن نجد أنفسنا أمام رأي معاكس لإبقاء الصيغة القديمة والأصلية. والحق أن لا شيء يعود إلى الوراء، وعاما بعد عام تتراجع الثقة بنزاهة وعدالة التوجيهي، والاعتقاد هو أن الفرص ليست متكافئة فعلا، وأن ثمة من يحصل على علامته بجد، وآخرين يحصلون عليها بوسائل ملتوية لم يعد ممكنا ضبطها والسيطرة عليها.

ليس سهلا استنباط بديل مقنع وتوافقي للتوجيهي، مثلما أن البقاء على الصيغة الحالية لم يعد مقبولا. وأنا، بصراحة، مع صيغة توزيع معدل التوجيهي على آخر عامين؛ إذ يُظهر ذلك بصورة أكثر عدالة مستوى الطالب. وقد يكون ضروريا اللجوء إلى صيغة مختلفة للفحص، يجب دراستها بتمعن، ومراجعة نماذج من مختلف الدول. لكن الأمر الآخر المهم هو أن لا تكون تلك العلامة المرجع الوحيد للقبول في تخصص معين؛ إذ يمكن أن تُمزج مع مستوى الأداء في السنة الأولى الجامعية التي تجتمع فيها حزم لتخصصات مختلفة.

[email protected]
الغد


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة