منذ الاشهر الاولى للحراك والربيع الاردني كان جلالة الملك يتحدث عن انتخابات نيابية مبكرة، ورغم كل العوائق والاداء السياسي والاصلاحي المرتبك والمربك لبعض الحكومات الا ان الملك بقي يحمل اصرارا كبيرا على اجراء انتخابات مبكرة، ولم يكن هذا اصرارا ضد المجلس السابق بل ضمن رؤية اصلاحية ترى ان بناء قناعة ايجابية لدى الناس لاتكون الا من خلال بناء المؤسسات الدستورية التمثيلية على اسس سليمة، ولان مجلس النواب هو الاهم كان الاصرار على اجراء الانتخابات، ثم كانت الرؤية الملكية لانتاج حكومة نتاجا لمشاورات برلمانية، لكن ما جرى من مشاورات الى حين اعلان تشكيل الحكومة لم يرتق الى مستوى الرؤية الملكية.
مجلس النواب يواجه تحديا سياسيا وشعبيا كبيرا في عملية مناقشة البيان الوزاري للحكومة، والقضية ليست في ان يمنح الثقة او يحجبها كعملية اجرائية مارستها كل المجالس، والسادة النواب امام خيارين صعبين الاول حجب الثقة واسقاط الحكومة مما يعني العودة الى دوامة المشاورات والتشكيل او العودة الى الطريقة العادية اي حكومة بلا مشاورات مثل التي سبقت تشكيل الحكومة الحالية.
وهذا الخيار يفترض انه لايعني النواب كثيرا فليست مشكلتهم ان تاتي حكومة جديدة او تذهب هذه الحكومة فجزء من دور المجلس تقييم اداء الحكومات واتخاذ القرار الذي يراه بحق اي حكومة، فما يعنيهم هو الخيار الاصعب وهو ان يقدم المجلس نفسه للاردنيين مؤسسة قوية ذات دور سياسي ووطني وانه يعبر عن الناس وبخاصة في القضايا الاقتصادية.
السادة النواب يعلمون ما يجري في مجالس الناس وجوهره انهم لايصدقون ان المواقف الغاضبة الصادرة من ارجاء المجلس ستتحول الى كلمات غاضبة خاتمتها منح الثقة، وهذا لايسجل على المجلس الحالي لانه لم يناقش الثقة باي حكومة، لكنه مخزون تجربة الاردنيين خلال العقدين الماضيين، واحيانا كانت اجواء جلسات الثقة صاخبة وناقدة لكن النهاية سعيدة للحكومات بل ان بعضها كان يراهن على ارقام قياسية في عدد الاصوات التي يحصل عليها، وكل هذا ثمن دفعته مؤسسة مجلس النواب من صورتها الشعبية، ولهذا نسمع جميعا اليوم تقييمات قائمة على التجربة السابقة بان الحكومة ستحصل على الثقة رغم كل ما يصدر من مواقف.
من حق المجلس ان يمنح الثقة او يحجبها، فهذه صلاحياته الدستورية، لكن ما نتمناه ان تكون محصلة معركة الثقة لمصلحة صورة مؤسسة مجلس النواب، فالاداء القوي المتزن للمجلس خدمة لعملية الاصلاح وتعزيز لقوة المؤسسات الدستورية، وجزء هام من دور مجلس النواب ان يكون صوت الناس والممثل للاردنيين، وكلما ازداد الاداء البرلماني قوة كلما تم نقل الحراك من الشارع الى المؤسسات الدستورية سواء كان حراكا سياسيا او مطلبيا خدماتيا.
ما يعنينا جميعا ان تخرج مؤسسة مجلس النواب من هذه المحطة وهي اقرب الى الاردنيين، واقرب الى الاداء السياسي الذي هدفت اليه الارادة السياسية التي اصرت على الانتخابات المبكرة كجزء من عملية الاصلاح، فاذا كانت هناك قناعة بالحكومة وتركيبتها وبرنامجها فهذا حق المجلس وليكن الحديث والخطاب بذات اتجاه التصويت، وان لم تكن الحكومة محل ثقة المجلس فليكن الانسجام كاملا بين المواقف المعلنة والتصويت، لاننا لن نحصل كل يوم على مجلس نواب، وربما من سوء حظ المجلس الحالي أن الرأي العام يحاكمه على اساس ما كان يجري في مراحل ومجالس سابقة، فهناك مجالس استنزفت صورتها ومكانتها لتعطي الحكومات نشوة الارقام القياسية فذهبت الحكومات لكن صورة المجلس مسها الكثير من الضرر.
مصلحة الدولة في قوة مؤسساتها، وعلى رأسها المؤسسة التشريعية، ومرة اخرى من حق المجلس ان يقرر ما يشاء لكن ما نتمناه ان يكون اي اتجاه ضمن سياق واحد ومنسجم، فالمجلس في اشهره الاولى ويحتاج الى ثقة الناس وقناعتهم بحسن الاداء، ومعركة الثقة اليوم جزء من سياق الاصلاح وقوة المؤسسات الدستورية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو