الوكيل- دفع الكاتب الصحافي نوفل الجنابي بكتابه التسجيلي 'الحلة.. عاصمة السخرية العراقية المرّة وذكرى الساخرين' إلى دار المدى، الكتاب يسجّل، معتمداً على الذاكرة، سخرية ولذاعة مدينة عراقية اعتادت أن تحوّل انقلابات حياتها وتقلبات يومها إلى سخرية مستمرة لم تتوقّف حتى في أحلك ساعاتها وأشدّها ظلمة.
الكتاب الذي يتنقل بين سِيَر الساخرين الأشهر وحوادث السخرية التي ثبّتت أقدامها في الذاكرة بفعل أبطال مغمورين لم يعرفهم أحد ولم يلتفت إليهم، هؤلاء هم ساردوا سيرة الحلّة الحقيقية، رواةٌ كانوا أم كَتَبة.
الجنابي استفاد على ما يبدو من صنعة التوثيق السينمائي والإعداد التلفزيوني التي يمارسها منذ أكثر من عشر سنوات بشكل مكثف عبر قناة العربية الإخبارية، استفاد منها في تقديم لغة مرئية جعلته قريباً من روح السيناريست في كثير من الأحيان، لكنه غالباً ما يستعيد إيقاعه اللغوي ليصبح على حافة الشعر، الأمر الذي أعطى إحساساً للقارئ بأن الكاتب لا يلاحق أبطاله من أجل التسجيل المجرد بل إنه يطارد خيالهم بثقة العارف بحدوده (حدود الخيال).
منجم الخيال الحلي، يمزجه الكاتب مع ذاكرته ليصنع المشهد المكتمل الذي خطط له أن يدخل قارئه في طيف من الحالات الإنسانية مخططا بتحكم إلى ضمان عدم سقوط أبطاله في رتابة الحالة واحدة.
هذا القارئ تتقاذفه متوالية من حالات متعددة لا يدوم فيها الضحك حين تباغته المرارة والألم، ولا يدوم الألم حين يسيطر الخوف الذي يخلي مكانه للنقاء فالتزييف، حتى آخر السيرة المرّة لمدينة لم تتخلَّ عن سخريتها فصنعت منها سقفاً تمر من تحته كل حالاتها.
ما يميز التأثر بالتسجيل السينمائي لدى الجنابي هو عدم سقوطه في الانتقائية التي قد تفرضها السخرية عنواناً. فهو حين يكتب عن السيرة الساخرة للشاعر موفق محمد، لا ينس أن يسجل شاعرية المدينة في قصيدته التي لا تشبهها قصيدة، ولا يهمل تحوّلاً من أجل مزاج قارئه، فيصدمه... 'بالجذور التي تضيء'... والتي لن تكون إلا زهرة قلب موفق، ابنه الذي لم يعثر له على قبر حتى اليوم بعد أن ذاب من بين أصابعه في المقتلة التي نصبها الأجلاف البداة للحلة في 1991.
موفق محمد لا يأخذ مكان سليم فلبس ولا الأخير يأخذ مكان المحافظ النزق ولا أماكن أخرى للطيف بربن وبرهان ونسة والمدرسون الحانقون وسفينة النور المقدس التي تعوّدت أن تطوف في ليالي عاشوراء. وهو ذات عاشوراء الذي ألقى فيه الانضباط العسكري على (آل البيت) في موكب العزاء لأن نصفهم هارب من الخدمة العسكرية.
الحلّة عاصمة السخرية، تحتاج إلى قراءة غير مصنَّفة (وهذا ليس مديحاً) لكتاب لا يدعك أن تصنّفه، فهو مشغولٌ بالأرواح التي صنعت الحياة ومنحتها لغيرها.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو