لدى خبر وفاة القائد الجزائري حسين آية أحمد، مر شريط من الذكريات الحميمة لرفاقه: أحمد بن بيلا وكريم بلقاسم، فالثلاثة الآن في دار الحق!!.
شرفت بمرافقة الرئيس بن بيلا في رحلة لبغداد.. أيام كانت الرحلة تستغرق عشر ساعات، وكان برفقة السيد الرئيس عدد من نواب البرلمان الأسبان، وكان الهدف ابلاغ المرحوم الرئيس صدام حسين بقرارات محكمة مدريد الشعبية الأممية التي حاكمت مجرمي الحرب بوش وبلير وبقية الذين حاربوا العراق.. ودمروا كيانها.
كانت الرحلة طويلة، وكانت لغة السي أحمد - وهذا لقبه المحبب لدى الجزائريين - لا تساعده على الحديث الطويل الى جانب اني لا احب الصمت الفراغي في مثل هذه الصحبة!.
كنا التقينا في مدريد قبلها بأشهر، وكان من المتوقع ان يرأس المحكمة ويلي برانت الالماني الاشتراكي، لكن الرجل كان تحت الضغوط، وكان استقال بسببها، فاعتذر وتم ترشيح راجيف غاندي الهندي .. فسقط بالاغتيال، وهكذا اصبح الرئيس بن بيلا رئيساً، وكان المدعي العام رمزي كلارك المدعي العام الاميركي في حكومة الرئيس كارتر. وكانت هناك اعداد من الشهود: من اطباء اطفال اكدوا اصابة مئات آلاف اطفال العراق بالسرطان, نتيجة اشعاع اليورانيوم المنضب. والعالم النمساوي جيتورج الذي اثبت استعمال الاميركيين لقذائف محشوة باليورانيوم المنضب. وشهود على حجم التدمير للخدمات المدنية في العراق: الجسور والمستشفيات ومعامل الطاقة, ومصانع لها علاقة بحليب الاطفال.
المهم قابلنا الرئيس صدام, وقدمنا له نسخة من حكم المحكمة, واخذنا الصور التذكارية.. وكان الرئيس العراقي يتلألأ بالحيوية والنشاط والتواضع عكس ما هو شائع.. وعدنا من الطريق الطويل بعد أن اقنعت السي احمد بكتابة مذكراته على أن أزوره في جنيف.. في بيته, ونسجّل واعود بعد تفريغ وتحرير ما سجلناه. ولم تنجح محاولتي بعدها, واتمنى أن يكون العقيد قد ترك شيئاً بعد عمر نيّف على التسعين!!
من ذكريات المخزن الذهني صورة كريم بلقاسم مسجّى في مشرحة احد مستشفيات فرانكفورت وفي جسده الكريم رصاصات، فقد دخل مجرمون غرفته في فندق متواضع، وقتلوه بكاتم صوت وأخذوا كل ما يمكن ان يدل عليه، وكان اسمه في الفندق هو ليس اسمه، وانما كان الاسم المكتوب في جواز سفر مزيف، وكان رحمه الله هارباً من القتل، وطلبت الشرطة من كل من يحمل ملامح شرق اوسطية التعرف عليه وكنا اربعة قلنا: هذا كريم بلقاسم الذي فاوض الجنرال ديغول في ايفيان لإنهاء الاستعمار الفرنسي للجزائر.
كان القتل مرافقاً لعشرات من قادة الثورة المطاردين في مدن اوروبا، وعدت وقتها الى غرفتي في فرانكفورت، حيث افرغت دموعي كل دموعي على مشهد البطل المسجّى في ديار الغربة، وبعيداً عن الوطن الذي اعطاه عمره كله.
كان سؤالي الدائم للسي احمد، لقد عدت مرّة واحدة للجزائر، لكنك غادرت سريعاً، لماذا وقد استقبلك الجزائريون كما لم يستقبل شعب احد ابنائه واكتفى الرجل الكبير بابتسامة غامضة عن الاجابة وقبلت منه صمته المرّ.
بوفاة حسين آية احمد اختفى ابطال الاستقلال كلهم ما عدا الرئيس بوتفليقة «القومندان عزيز» القائد في جبال القبائل قبل ان يبلغ الثلاثين من عمره، اعطاه الله العمر.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو