اقتحم لصوص بيتي وسطوا على مقتنيات بالغة الأهمية ليس من بينها الذهب لأنني لا املكه, ولا المال لنفس السبب، مما اصابهم بالحنق- على ما بدا-فصبوا جام غضبهم على جهاز الكمبيوتر فسرقوه بما عليه من تعب السنين، وقد تستغربون ان قلت ان هذا لم يعد هو المهم مع العلم ان العمل جار لملاحقة الجناة كما يقال لي بمكالمات التسرية، المهم هي النصائح التي وردتني بعد الجريمة النكراء تلافيا لسرقات قادمة، وكما قيل لي (نص بيوت البلد انسرقت)، وحصلت على اجماع المعارف والاصدقاء ورجال الامن ان أفضل وسيلة لردع اللصوص هي تركيب شبك الحماية, وهذا يعني بكل بساطة قضبان حديدية باشكال مختلفة تحمي البيت وتتركنا خلف نوافذ مسيجة بالحديد، وفهمت الامر على نحو غريب بعدما خطر ببالي اننا في هذه الحالة سنضع انفسنا في السجن خلف القضبان بينما اللصوص احرار طلقاء، فرفضت الفكرة وتركت نوافذ بيتي حرة اطل منها فلا ارى ظلال القضبان وإنما شجيرات الزينة بكامل روعتها وكلما جلست في الشرفة اقرأ كتابا او اتصفح جريدة ازددت قناعة بقراري ترك بيتي وعائلتي حرّين بلا قضبان حديدية تحول بيننا وبين الفضاء الازرق.
البلد كله بما في ذلك الشقق العالية يحتمي خلف قضبان حديدية واذا امعنا التفكير فيما نفعل سنجد اننا سجناء برغبة، ومثلما نقي انفسنا شرور الناموس برش غرف المنزل بالمبيدات لنقتل ما تجرأ من الحشرات على اقتحام منازلنا بدلا من تنظيف البيئة من حولنا، نفعل الشيء نفسه مع اللصوص، فها نحن ننتظرهم خلف القضبان وهم يتجولون بسيارات تقلهم تارة على شكل باعة، وتارة اخرى على شكل مزارعين وكثيرا ما يطرقون ابوابنا طلبا للمساعدات.
يقولون ان القوانين في بلدنا متسامحة ومريحة لمن يمارس مهنة اللصوصية كوظيفة يعتاش منها ويتملك الشقق والسيارات ويورث اولاده ما يكفيهم، واللصوصية التي اقصدها هي سرقة المنازل والسيارات على وجه التحديد وليس سرقة الخزينة، ويستغرب المرء كيف ان الشعب يخرج في تظاهرات لمكافحة لصوص المال العام او ما يسمون بالفاسدين، لكنه لا يفعل شيئا ولا يحتج على ان قانون العقوبات الذي يشجع الحرامية على اقتحام حرمات البيوت للسطو على ممتلكات المواطنين، ومؤخرا خطرت ببالي فكرة ان اسأل الحراك المطالب بالاصلاح وكثيرون من افراده ضحايا السطو والسرقات الشخصية، ايهما أشد خطرا واعتداء على كرامات الناس وحقوقهم وحرياتهم، لص يدخل منزلا فيأتي على ممتلكات اسرة فينهب حتى العاب الاطفال ام فاسد يسرق من خزينة الدولة، وايهما اولى في هذه الحالة قانون من أين لك هذا ام قانون العقوبات الذي يجب ان يغلظ العقوبات على من يقتحمون منازل الناس، وأمر آخر يحيرني، ما هو الموقف الشعبي من هذا النوع من اللصوصية، وهل يمكن تصنيفه على انه فساد من نوع ما بالنظر الى حجم الظاهرة، اليست بيوت الاردن في المدن والقرى كلها محروسة بالقضبان الحديدية، اليس الاردنيون سجناء خلف هذه القضبان بينما اللصوص يسرحون ويمرحون ويتحينون فرصة العثور على بيت حر لا يؤمن بأن علاج الناموس يكون في رش غرف البيت وإنما في تنظيف البيئة وقتل الناموس في مزابله !؟
اذا كنا كشعب نمارس أكثر اشكال الفساد انتشارا في العالم وهي الواسطة والمحسوبية والسطو على حقوق المسحوقين المستحقين للوظيفة او الترقية او المنصب، واذا كنا نقر للحرامية بشرعية مهنتهم بدليل اننا ننهزم امامهم فنحبس انفسنا خلف القضبان وما تسمى (شباك الحماية ) خوفا منهم بدلا من الخروج لهم وعليهم ورشهم بالمبيدات في مزابلهم وقبل وصولهم عتبات بيوتنا، اذا كنا كذلك فاي شرعية لنا في التظاهر للمطالبة بالاصلاح السياسي ومراجعة قانون الانتخاب وتعديل الدستور للمزيد من الانفلاش ومحاربة الفساد لتنظيف البلد من الفاسدين..يا للغرابة كم نحن متناقضون مع انفسنا..!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو