للمجتمعات المتقدمة سمات تمتاز به عن بقية المجتمات النامية وتميزها بالشكل العام والمضمون والنهج وحتى بمغزى الرسالة، من هنا كان امتياز هذه المجتمعات عن غيرها أن كان ذلك في طريقة تقديمها لدورها المعرفي على الصعيد الإنساني أو تعلق الأمر فى كيفية تقديم الدولة لذاتها للمجتمع الدولي والإنساني أو نتناول على
وجه الخصوص علاقة الفرد فى اطار الدولة أو تبيان النهج الذى تتبناه هذه المجتمعات فى ادارة موارد الدولة البشرية والطبيعية والمعرفية، كما بين كيفية استثمارها في تحقيق رافعة إنتاجية للدولة ورفعة معيشية للمواطن..
ولأن هذه المجتمعات باتت تشكل التطور الانتاجي وليس الاستهلاكي العالمي، بل غدت هذه المجتمعات تشكل بحضورها المعرفى اهمية فى استمرار البشرية وفي التطور والتنمية والإنتاج والمعرفة، العمل على الوصول فى اي مجتمع إلى المنزلة المتقدمة ذات السمات المعرفية والانتاجيه التى ذكرت، بحاجة الى الوقوف اولا على أبرز سمات هذه المجتمعات فى الأطر العاملة والمحاور الفاعلة.
واحسب أن سمات الدول المتقدمة والتي كنت قد بينتها في كتابي وهي اربعة سأعمل على إيجازها بما يلي:
اولا :- ما يتعلق بصفات المجتمع وميزاته والتي تتبين من الدراسات الاكتوارية ان سمته تحمل مضمون المجتمع المدني والذى يسوده مبدأ سيادة القانون لتكون مخرجاته عدالة ومساواة وتكافؤ فرص، أما السمة الثانية فإنها تحمل دلالات المجتمعات المتقدمه سواء تعلق ذلك بنهجها السياسي الذى يبن مقدرتها على كيفية تعاطيها مع النهج الديمقراطي التعددي القائم حكما على الحياة الحزبية أو ما يظهره العامل الذاتي الذى يجسده مفهوم المواطنة والذى يعول عليه عند تجذير قيمة أن يقوم برفع منزلة المجتمع من مجتمع ريعي إلى مجتمع معرفي، أما السمة الثالثة فإنها تقوم على الجانب الانتاجي والذي يبرز فيه ومعه سمة التمايز والتمييز، والتى تحملها علامة الثقة الاقتصادية فى المجالات الخدماتية والمعرفية والصناعية وحتى الزراعية وهى سمة مرتبطة عضويا بالسمة الرابعة والتى تبرز التشاركية فى صناعة وصياغة بل وتنفيذ مشتملات القرار، وهى تلك السمة التى تقوم على النهج الإداري فى الدولة والذى تبين أيضا أن المجتمعات المتقدمة يستند نهجها الاداري على النهج اللامركزي.
وذلك لما يوفره هذا النهج من توسع من حجم المشاركة الشعبية فى صناعة القرار التنموي من خلال إيجاد حكومات وبرلمانات محلية تعمل على توسيع مساحة البناء الوطنى لتشمل الكل الجغرافى وبما يحقق أجواء تنافسية بين المحافظات التنموية، وذلك وفق مبادرات تنموية ومعرفية تبرز المحتوى الثقافى كما المعرفى والانتاجى لهذه المنطقة الادارية أو تلك، و يراعى فيها ان تقوم إنجازاتها وأنشطتها كما مبادراتها على المخطط الشمولي الذي بدوره يضعها ضمن قالب موضوعى يكون بمثابة المرجعية لعملية البناء والإنتاج والتنميه بكل جوانبها ومشتملاتها كما يستوجب العمل أيضا على ايجاد نظام حوافز مالية ولوجستية وضريبية ليساعد فى خلق بيئة جاذبة للاستثمار وعاملة على توطينه.
ولأن فلسفة اللامركزية تقوم على تفويض الصلاحية من المركز إلى الأطراف بغية توسيع رسالة البناء الوطنى لتشمل الكل الجغرافي فإنه يعول علي هذا النهج الإداري اعطاء مساحة أكبر للابداع وتعزيز الحاكمية الرشيدة لاسيما فى جوانب الشفافية والمساءلة الذى يستهدفه هذا النهج الإداريفى تعزيز جوانب الثقة بين المواطن وصناعة القرار كما وآليات تنفيذه، الأمر الذى يعول عليه الحال فى الارتقاء بمنزلة الفرد فى المجتمع من حامل عضوية دولة إلى مواطن فى دولة وكما سينتقل معه اهتمامات الأفراد من الطريقة الفكرية الخاصة التي تستند للمصلحية إلى طريقة اخرى قيمية تستند للمصلحة العامة، هذا بالاضافة إلى طور آخر فى الأداء يستند إلى العمل الجماعي الموضوعى
والذى يحفظ الاستمرارية للنهج والإنجاز بدلا من الطابع الفردي الذى يتغير بتغيير الأشخاص.
لكن السؤال المشروع هنا، كيف تعمل اللامركزية فى إيجاد مساحات التنمية؟ وما هي مقومات نجاحها فى الوصول إلى استهدافاتها القيمية والإنتاجية؟ وما هى أبرز التحديات التى قد تواجهها فى تنفيذ نهجها حيز الواقع؟ وهي بظني اسئلة مشروعة واستفسارات موضوعية لابد من الإجابة عليها لاسيما عند تنفيذ هذا النهج الإدارى الحديث، وذلك وفق انظمة تأخد بعين الاعتبار إيجاد الهيكلية الادارية المنسجمة مع الرؤية التنموية والخطط التنفيذية المستندة إلى المخططات الشمولية، بما فى ذلك إعداد الخرائط المالية والاستثمارية وفق متطلبات تبرز نظام الحوافز الضريبية واللوجستية ويؤدي بالوصول بكل ذلك إلى ايجاد علامة الجودة والثقة التى تمتاز بها هذه المحافظة
عن تلك فى إبراز دورها الانتاجى ومزاياها فى استقطاب الاستثمار وامتيازها بالجودة.
لقد استطاع الاردن وضع القطار على سكة الإنجاز المعرفي عندما استطاع ايجاد قانون اللامركزية كما اجرى انتخابات مجالس المحافظات وليجسد هذا المفهوم حيز الواقع نحو مفهوم اداري جديد للدولة وهو ما يعتبر إنجازاً نوعياً لكثيرين لاعتبارات عدة من أهمها قلة موارده الاساسية كالطاقه والمياه والأجواء السياسية التى مازالت تعصف فى الإقليم لوقوعه فى منطقة سياسية غير مستقرة وغير آمنة اضافة الى ما رافق ذلك من تحديات سياسية واقتصادية وحتى اجتماعية، لكن الاراده السياسية الواثقه من حتمية الإنجاز كان لها الأثر الأكبر في إحقاق هذا النهج الإداري الجديد بالشكل والمضمون والذى يعول عليه فى تطوير النهج السياسي والإداري للدولة معا.
اذ ان اللامركزية عند تطبيقها حيز الواقع فإنها ستعمل على فصل المسار التنموي عن الإطار السياسي وذلك وفق مستويين متناغمين اي بين الجانب المحلى على مستوى برلمان المحافظة الذى ستؤول إليه الشؤون الخدماتية والتنموية والبرلمان الرئيسي الذى سيقوم بدورمستقل افضل عن الحكومة باعتباره سيكون دونما ضغوط خدمية شعبية وسيرتكز باتجاه دوره الدستوري فى الرقابة والتشريع اضافة الى تشكيل حكومات برلمانية حزبية كانت قد بينتها الورقة النقاشية الثالثة لجلالة الملك.
الأمر الذي بات يستوجب بعد إجراء الانتخابات لمجالس المحافظات أن نشرع بتشكيل وزارة للحكم المحلى تعمل على إيجاد المخططات الشمولية اللازمة لكل محافظة وتقوم بوضع نظام إداري ونظام مالى وهيكلة ادارية وآليات عمل للخطط التنفيذية لإنجاز المشاريع التنموية الاستثمارية حيز الواقع وذلك وفق الفترة الزمنية التى كانت قد بينتها الخطة التنفيذية لهذه الغاية.
ولأن الاردن يتميز بأجواء مناخية متفاوتة وعلى مساحات متقاربة، تتفاوت معها العوامل الطبوغرافية والجيولوجية وحتى الثقافية الديموغرافية بصورة فريدة، الأمر الذى سيظهر هذا التنوع فى المخططات الشمولية بموضوعية والتى ستبين بطريقة علمية، الموارد الطبيعية والاهتمامات البشرية وماهية الإستثمار الذى تتطلبه حالة هذه المحافظة أو تلك، وهو سيكون بداية إخراج الخطوة الأولى فى إيجاد الطور الانتاجى لهذه المحافظة والتى يمكن ان تتغير حدودها لتتحدد ليس وفق أسس وضوابط امنية فحسب، بل وفق عوامل أخرى البيئة والمناخ اساسها.
ولعل تحديد طور العمل وحده لن يجعل من المحافظة أي الوحدة التنموية بيئة استثمارية جاذبة إلا إذا رافق هذه المنظومة حوافز لوجستية وضريبية تقدم وتسوق العلامة الاستثمارية فى المحافظة بما يميزها بالطابع الانتاجى والمضمون الاستقطابى الاستثماري عن غيرها من المحافظات، وذلك من خلال منظومة الحوافز التى يعول عليها فى إخراج السمة الاستثمارية للمحافظة، وبما يميزها بالدلالة عن غيرها.
ان تنفيذ المشروع الاستراتيجي للإصلاح الاقتصادي ومتطلباته المرحلية والمتوسطة والمستقبلية وفق خطط تستند للمخططات الشمولية موضوعية لهذه الغاية بحاجة حكما، الى هيكلة ادارية واضحة، مضبوطة بوصف وظيفي قادر على تحديد المقتضيات الوظيفية بدقة حتى يتسنى لهذه الاستراتيجية من تحديد المساقات التعليمية الجامعية التي ستحددها الاستراتيجية التنموية للمحافظة في توفير فرص عمل، الامر الذي ستئول مقتضياته لايجاد جامعات متخصصة فى هذه المحافظات تسهم بتخريج موارد بشرية ليتم استيعابها وفقا للسمة الانتاجية للمحافظة وتفضي لإيجاد بيئة متجانسة ومتناغمة ما بين مقتضيات المساقات التعليمية ومتطلبات السوق وهو العامل أن تمكنا من تحقيقه سيعمل على ايجاد فرص عمل حقيقية وليست مصطنعة تسهم باستيعاب الكفاءات العلمية وفقا للاختصاص، وهو ما سيشكل مناخات تساعد على الابتكار والإبداع بما يرفع من المستوى الانتاجى للمؤسسة ويرفع من المستوى المعيشي للافراد ويرتقي برسالة المحافظة ويميز طابعها الانتاجي.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو