الأحد 2024-12-15 06:39 ص
 

المؤامرات موجودة لكن أخطرها التي من داخل البيت

07:01 ص

نشرت ال نيويورك تايمز تقريرا حول المخططات التي وضعتها مراكز دراسات وشخصيات امريكية وصهيونية منذ عام 1937 لإعادة رسم الحدود الديموغرافية والسياسية لدول الشرق الأوسط خاصة المحيطة بفلسطين ، خرائط الغرض النهائي منها إقامة دويلات وكانتونات على أسس طائفية ومذهبية واثنية تجعل من اسرائيل الدولة الأقوى . اضافة اعلان

مثل هذا التقرير يعزز من نظرية المؤامرة التي تتداولتها النخب والأوساط السياسية العربية الحاكمة والتي خارج الحكم في كل مرة تتعرض فيها دولة او عدة دول لأحداث تهدد أمنها ووجودها . دائماً يستعان بذريعة ( المؤامرة الخارجية الصهيونية الإمبريالية ) لتبرير ما يواجهه العرب من هزائم في الحروب او فشل في استقرار الامن والحفاظ على الوحدة الوطنية .
بالطبع هناك مؤمرات تتعرض لها الشعوب عندما تواجه تحديات وتضارب مصالح ، المؤمرات والمخططات المضادة هي جزء من السياسات الخارجية الدولية المتنافسة وهي جزء من التنافس الاقتصادي والتجاري على الأسواق ، لكن اكبر المؤمرات التي يتحدث عنها التاريخ في الماضي القريب والبعيد تلك التي حيكت من داخل البيت كما يقال . حدث ذلك منذ اغتيال الفرعون وحتى انهيار الامبراطورية السوفيتية .
لو نهض كل من جابوتنسكي وبن غوريون من قبرهما ولو آفاق شارون من غيبوبته لسخروا من سذاجة أحلامهم والخرائط التي تمنونها لتقسيم الهلال الخصيب الى دويلات ، لأن ما يجري على الارض من انقسام وتقسيم بإرادة فئات وحكومات وطوائف تصل إباحة دماء الآخرين يفوق كل توقعاتهم ، وما كان من المستحيلات عربياً التجرؤ بالتفكير فيه اصبح وقائع على الارض .
المؤمرات الخارجية تنجح عندما تدق لها الطبول من الداخل العربي وتنثر على رؤوسها الأرز وتصبح اعتقاداً وهوية سياسية ووطنية . والملام في كل ما يحدث من نزعات حالية للانقسام والتشظي في العالم العربي هي أولا وأخيراً دول وأنظمة الاستقلال الوطني التي ظهرت بعد فترة الاستعمار ، ثم نضع اللوم على الظاهرتين الأفغانية والإيرانية التي أقحمت السياسات المتطرفة والتمييزية في نظرية بنية الدولة وعممتاه كوعي ومفهوم بين شعوب المنطقة .
لم تنجح الدولة الوطنية في بناء دولة المواطنة في دول المشرق العربي ومصر والسودان حيث تتواجد مكونات ثقافية ودينية وقومية متعددة ، وعلى سبيل المثال تم التعامل مع الطوائف المسيحية على انها تضم مواطنين من الدرجة الثانية لا يحق لابنائها تبوء مراكز الصف الأول ، السياسية والأمنية ، وهو ما يعني ان مفهوم المواطنة غاب تماماً عن هذه الدول ، فالأغلبية تهضم حقوق الأقلية ، والأقلية بدورها عندما تحكم تقصي الأغلبية عن المشاركة الحقيقية بالسلطة . وكل هذا عزز الإحساس بالاغتراب والتناقض بين مواطني الدولة الواحدة .
عن الدور الأفغاني فمجرد متابعة نماذج إنتاجه سياسياً ودينياً في العراق وسوريا يكفي للقول بان اي مؤامرة صهيونية او امريكية ما هي إلا ذرة من الرمال . اما النموذج الايراني فهو من بدأ بنشر التعصب والإقصاء . على سبيل المثال بلغ عدد المسيحيين في ايران قبل الخميني نصف مليون ، اليوم لا يزيد عددهم عن 70 ألفا ، وبسبب النفوذ الايراني في لبنان تم تقويض صيغة النظام الذي توافقت عليه جميع الطوائف غداة الاستقلال ، الذي منح النظام العربي صفة التعددية الثقافية والدينية من خلال منصب رئيس الجمهورية وذلك لصالح الهوية المذهبية لحزب الله التي أصبحت المكون الرئيسي في هوية لبنان السياسية .


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة