الأحد 2024-12-15 09:56 م
 

المدافعون عن "خراب البيت"

04:17 ص

لم يبقَ لنا من الأسف شيء بعد كل هذه النتائج التي وصلنا اليها جرّاء مرحلة البيوعات غير الأخلاقية واستغلال خطة الخصخصة التي كانت ترمي في الأصل إلى تخفيف الضغط على الميزانية العامة للحكومة عن طريق إشراك القطاع الخاص في جزء معقول من أسهم الشركات الكبرى بهدف رفع سوية العمل وتحقيق المزيد من الأرباح دون المساس بشريحة الموظفين والعاملين الأردنيين وتحقيق وفورات وعوائد مجزية لإعادة تدويرها في مشاريع تستهدف المواطنين مباشرة، لا لشراء أو سداد الدين الخارجي، كما حدث في الفترة الماضية من خلال خطة 'القيادة الاقتصادية' للدكتور باسم عوض الله وفريقه القوي آنذاك. اضافة اعلان


اليوم ورغم كل ما جرى ويجري، لا يزال 'حملة النعوش' يقفون على قبر الماضي ويهتفون 'يعيش خراب البيت'، ويصرّون على فكرتهم التي تحولت الى جيفة، وليتهم يفهمون ما يرمي إليه المعارضون لنهج فكفكة مؤسسات الدولة، بل أنهم وبكل بجاحة تتهم وهي أعلم بنوايا الخائفين على الوطن ومؤسسيته، والمدافعين عن البيت وأعمدته، وأعلم بالخطأ الفادح الذي أورثنا إياه أصدقاؤهم، لنعود الى نفس المخاضة التي استفادوا منها في مرحلة 'الانقلاب الوطني'، بعد أن توقعنا الخروج من ذلك الدرب الزلق.

يوم الثلاثاء كتبت المقال السابق عن 'الملكية الأردنية ' دفاعاً عن مؤسسة وطنية لها تاريخها ولها ولإدارتها كل الاحترام، وهي تحمل على جناحها ما يقارب خمسة آلاف موظف أردني في مختلف مواقعهم، وتشكل علامة مهمة في سجلات الاقتصاد الأردني، ولم يخطر لي على بال أن أكتب شيئاً مضللاً للرأي العام، أو اهاجم أشخاصاً في موقع المسؤولية، فليس لي أي خصومة 'تجارية ولا وظيفية' مع أحد، ولست والحمدلله ممن ينتظرون فواتير مقالاتهم وتقاريرهم الصحفية عن أي مؤسسة، أو ضد مؤسسة أو مسؤول، فما أغناني الله به خير مما يجمعون.

'إدارة الملكية' الموقرة، وبكل رحابة صدر أخذت فحوى المقال بذات النية التي انطلقت منها، وتحادث معي مسؤول رفيع فيها، وأوضح عدة نقاط مهمة، وأهمها 'أنهم يتفهمون حرصي على الملكية الأردنية لتبقى مؤسسة أردنية' ونفى تماما أي نية لبيع أسهم الحكومة أو أسهم المؤسسات الأردنية الأخرى والتي تشكل 51% من ملكية الشركة.

ونوَه المسؤول بأن بعض التقارير الصحفية العالمية نقلت عن المدير السابق تفسيرات عمومية مغلوطة عن اهتمام الخطوط القطرية وغيرها من الشركات للاستحواذ على بعض الخطوط وقالت إنه نقطة انطلاق لشراء الخطوط القطرية لحصة الحكومة في الشركة نافياً أن تكون هناك نية للبيع، في المقابل أكد أن حصة رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي هي 20% فقط من أسهم الشركة والتي تملكها قبل أن يصبح رئيساً للحكومة هناك، والقانون الخاص بتخاصية الملكية لا يسمح لتملك غير الأردنيين بأكثر من هذه النسبة، حيث أكد المسؤول أن 'الملكية' ستبقى أردنية وللأردنيين كناقل وطني يسعى للأفضل رغم الظروف الصعبة التي يشكلها ارتفاع أسعار الوقود والتكاليف العالية للتشغيل حسب تعبيره.

هنا خالجني ارتياح وطمأنينه، أما أن يهب زميل حميم وصديق قديم 'كقرطاسة في وجه زوبعة' ليتهمني بما لست أهله تحت عنوان المؤامرة الكبرى ، فهذا لا ينضوي إلا تحت لواء المدافعين عن خراب البيت، أفكلما نبهنا أو حذرنا من مصيبة اقتصادية قادمة، يخرج علينا أحد ألوية المدافعين عن الخصخصة وبيع ثروات الوطن، ليعزف لنا مقطوعة النظام الاقتصادي المخلوع، وليتهم يتحدثون بعقلانية أو منطق الخصم، بل يستخدمون منابر إعلام الدولة ليدافعوا عمن اعتدى على الدولة وثرواتها وهيبتها، وغرسوا أشجار 'الغرقد ' وسط غابات الزيتون الوطني ، فمن المتآمر أيها العقلاء ؟!

وسأذكّر الزميل بموقفه، حين كشفت شخصياً هنا صفقة بيع شركة مصفاة البترول الأردنية لشركة 'إنفرا مينا وخالد شاهين'، فبادر بعد يوم واحد الى نفي تلك المعلومةالتي فصلت بنودها 'بالإنابة 'عبر تقرير له على صدر الملحق الاقتصادي، ثم بعد أقل من شهر اعترفت إدارة شركة المصفاة بالصفقة وأعلنت عن هوية المالك.

أما في ما يتعلق بشركة مناجم الفوسفات، فلم يبق إلا أن ينزل علينا طائر من السماء فيؤذن في الناس أن صفقة الفوسفات غير قانونية، وخالط بياضها الفساد حتى اسودّت، وأن رئيس مجلس إدارتها وليد الكردي استغل نفوذه في الشركة لصالحه وجمع مئات الملايين من الدولارات، ولم يدافع أحد عن الشركة وإدارتها حتى اليوم إلا هو.

هنا لن أعيده الى برنامج التحول الاقتصادي، فتلك 'ربابة' سنسهر الليلة واليوم ونحن نغني قصائد الرثاء عليها، بمعية الزميل الذي كان أحد شعراء المديح في بلاط الدائرة الاقتصادية العليا، وحتى مشاريع النقل الفاشلة لم تسلم من دفاع صديقنا عنها، فهل يجوز لنا أن نتهمه بأنه مدافع عن 'شبهات الفساد أو بيع مقدرات الوطن' لا قدر الله، لا لن نتهمه، بل نربأ به أن يترك عمله الأصلي في صحيفة من أولى مهامها مكاشفة الرأي العام بالحقائق، وتخصيص صفحاتها لتكون 'ندوة للتثقيف الاقتصادي' ومحاورة كبار أهل الخبرة والاختصاص في الاقتصاد ومحاولة سبر أغوار الوضع الاقتصادي في المحافظات والمدن الاردنية التي تعاني من تردي الأوضاع، لخدمة الوطن اقتصادياً، ثم يجلس منشغلاً في حراسة مرمى الشركات والمؤسسات الاقتصادية الخاصة والعامة التي يراها الناس أنها تخصهم جميعا لا تخصه أو تخصني شخصياً.

فإنا ليس لدي أي اهتمام بالمال والأعمال، ونحن وإياه وجميع الزملاء المحترمين علينا واجب وطني وأخلاقي يحتم علينا الدفاع عن كل مؤسسات الوطن، والوقوف بأقلامنا أمام أي فاسد أو شبهة فساد، والنصح لمؤسساتنا المحترمة، دون أي منفعة أو مصلحة شخصية، أو انتظار هدايا ومزايا من مال السحت.

سامحونا ..


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة