الملك والحراك

«أنا مع الإصلاح ومحاربة الفساد ومع الحراك وعلينا تغليب لغة الحوار والعقل لنتقدم « هذه الجملة وردت على لسان الملك حين التقى الشخصيات والفعاليات الشعبية من أبناء محافظة الطفيلة ولهذه الكلمات دلالات عميقة ، وبالتزامن قال رئيس الوزراء عون الخصاونة في مناسبة أخرى :»أنا لست ضد الحراك» .. إذن فان الحراك الشعبي والشبابي المحافظاتي قد اكتسب الاعتراف السياسي من أعلى المرجعيات التنفيذية في البلاد وبالتالي أضحى الحراك حقيقة سياسية أردنية لا يمكن إغفالها او القفز عنها وهو انجاز يسجل لجيل من الشباب الوطني غير المؤطر حزبيا لكنه يمتلك وعيا سياسيا مطابقا لمشكلات البلاد والتحديات التي تواجهها.اضافة اعلان

وحين يترابط كلام الملك مؤيدا الحراك ويربطه بمحاربة الفساد والإصلاح وتغليب الحوار والعقل فان التقدم كنتيجة هو نتاج تلازم الحوار والإصلاح ومكافحة الفساد وفق كلام الملك الذي يعد انحيازا للمستقبل وتأسيسا لعتبة سياسية أردنية لمرحلة جديدة وإعلانا عن القبول بشراكة قوى شعبية وان شطت في بعض الأوقات ورفعت شعارات هي الجنون عينه إلا أنها حين تتحدث سياسيا تعلن دون وجل أنها مع نظامها السياسي وتؤمن بالقيادة التاريخية للبلد.
إزاء ذلك على الحراك الشعبي أن يرتقي بخطابه ويبلوره باتجاه مفردات سياسية قابلة للترجمة إلى برامج وتوجهات وفي الأساس تصلح أن تكون أرضية للحوار ، وكل ذلك يحتاج إلى أن يسهم الحراك في تطوير وتأطير النقاش العام باعتباره شرط التقدم وهي المعادلة التي تحدث بها الملك.
الانفعال مرحلة ولت والتفاعل هو المطلوب وان كان الانفعال ينتج خطابا سياسيا قائما على الغرائز ورفع انزيمات الغضب في العروق فان التفاعل يغني ويثري ويؤسس الى انتاج قواسم مشتركة تفضي الى تحقيق الاجماع الوطني على طبيعة التحديات التي تواجه البلد .
الفساد ومكافحته والاصلاح وصناعته يحتاجان الى تطوير قاموس اردني للحوار سمته العقلانية والموضوعية وهي مهمة فرسان الحراك وهم اهل لذلك.
اما ان يقول رئيس الوزراء انه ليس ضد الحراك فان هذا يعني نقدا ذاتيا رفيعا مارسته الحكومة ممثلة برئيسها تجاه مرحلة ساد فيها الانفتاح على لون سياسي دون آخر والرئيس ذكي ومثقف كفاية بحيث يرسل الرسائل الصحيحة في الوقت المناسب ..
ما العمل الان؟
على الحراك ان يؤسس لقاموسه السياسي الجديد فالوقت ليس في مصلحة احد ولا بد من البدء بورشة حوارية على مستوى الوطن فالحراك الآن طرف أساسي ومطلوب منه ان يؤطر خطابه السياسي.