الخميس 2024-12-12 08:33 ص
 

الوقت و طناجر الزمن

06:51 ص

حدثتكم ذات عام عن صديقي الذي كلّما اتصل بي يريد أن يراني الآن الآن في بيتي ..اقول له :تعال أنا بانتظارك ..وبعد أن تنتهي المكالمة ألبس و أطلع ولا انتظره ..وعندما أعود للبيت متأخراً ؛ أرنّ عليه و أقسو عليه بالكلام لأنه لم يحضر وأنني تركتُ شغلي و أنا انتظره ..! كان يتلو العذر تلو العذر لماذا لم يجيء..! وكلّ مرّة يتكرّر نفس السيناريو و نفس الحوار تقريباً ..يطلب لقائي ولا يأتي و أنا لا أنتظر و أبهدله لأنه لم يجيء..!

اضافة اعلان


هناك صديق آخر ..يعطيني موعداً ..من بين عشرة مواعيد يصدق في واحد فقط ..ماذا أفعل معه هذا كي لا يضيع وقتي بالانتظار لموعد كاذب ..؟ كنت أعطيه موعداً في مقهى ..و اعطي غيره موعداً آخر قريباً من زمان الموعد الأول ..فإن أتى أكون أنجزتُ موعدين في موعد وإن خذلني كالعادة أكون كسبتُ وقتي ..!


تصرفاتي هذه صارت بحكم العادة مع من أعرفهم ..أبني تصرفاتي على تصرفاتهم ..لأنني لو تركتُ نفسي للمواعيد وانتظرتها وأنا جالس ..لضاع نصف عمري وأنا أنتظر دون أن أحرّك ساكناً من أجل أعذارٍ واهية من أولئك الذين يلعبون بالوقت وكلّهم بلادة في الالتزام فيه ..!
مشكلتنا أننا على استعداد أن نعطي ألف محاضرة عن قيمة الوقت ..و المحاضر يضيّع وقته علينا ..وكأنّ ضياع الوقت هو سباق زمني بيننا وبين الحياة التي لا وقت فيها للالتزام بالوقت..!


من لا يعرف قيمة الوقت لن يهتم بزمن أوجاعك ..ولن يهتم بطول جراحك ..لذا ؛ فكلّ حكوماتنا هي كصديقي الأول أو الثاني ..تعطيك المواعيد تلو المواعيد ولا تأتي ..وأنت رازح تحت آلامك ..يغطيك الانتظار الذي يمدّ لسانه عليك كي تصحو من نومك الكابوسي و تصدّق أنّ الذي لا يأتي لا حلّ لديه ..وأن عذره لديك أنه لا أمل لك إلا به ..!


قالوا : إن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ..وها هو قطعنا منذ زمن ..وها نحن على طناجر الزمن يعمل علينا شوربة سيئة المذاق..!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة