قبل أيام حفلت صفحات «الفيس بوك» ، بتقديم التهاني لطلبة صغار ،بمناسبة نجاحهم في انتخابات البرلمانات الطلابية، و بدا لي أن بعض الأسر احتفلت بنجاح أبنائها من قبيل التباهي والاستعراض الاجتماعي، وكأنه تفوق في الامتحان ، أو مناسبة عيد ميلاد.
ويوم الانتخابات سألت الطفل « نجم الدين محمود»، لماذا تغيب عن المدرسة ، رغم أنه مرشح في قائمة اسمها «الشعلة» ويفترض أن يكون حاضرا في أجواء الانتخابات ،للقيام بالدعاية الانتخابية وشرحه «برنامجه الانتخابي « والسعي لحشد الأصوات.
«نجم» وهو في الخامس الابتدائي ،الذي يؤدي الصلوات بانتظام ويؤذن للصلاة في العائلة، فاجأني بإجابة بريئة لكنها مثيرة للاهتمام وذات دلالات عميقة ،إذ قال أن « النتيجة محسومة « لصالح قائمة منافسة، قامت بتوزيع « تيشيرتات» على الطلبة الناخبين مكتوب عليه اسم القائمة ومعنى ذلك بالمفهوم الانتخابي للكبار، فساد انتخابي أو استخدام «المال السياسي» وسألته من أين جاءت القائمة التي توزع ال» تيشيرتات « بالمال لشرائها ،ومن يدعمها ؟ لكنه لم يعرف وبعد ظهور النتائج لاحظت أن «نجم» كان مبتهجا ، بسقوط القائمة التي قدمت «الرشاوي الانتخابية».
وبالتأكيد فأن هذا السلوك ، هو من إفرازات أجواء الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في الشهر الماضي ،لانتخاب مجلس النواب الثامن عشر، وما رافقها من أحاديث وسلوكيات سلبية، بينها ممارسات تتعلق بالمال السياسي.. فما يقوله ويفعله الكبار ينتقل بالضرورة الى الصغار.
وعلى أية حال، فقد كانت انتخابات البرلمان الطلابي إيجابية، من حيث أنها تشكل تمرينا، يتم البناء عليه للتأسيس لثقافة ديمقراطية لصناعة أجيال مستقبلية مؤهلة للانخراط في الحياة السياسية.
عدد كبير من الطلبة ربما كانوا سعداء ،بتخصيص يوم للانتخابات لأنه يتيح لهم التمتع بيوم عطلة ، ومن هنا ينبغي التركيز على توعية الطلبة، بأن العملية الانتخابية ليست لعبة للتسلية والتغيب عن الدراسة ، وبتقديري أن الاكتفاء بإجراء انتخابات دورية روتينية فقط ، لا يحقق النتائج المطلوبة.
لست مطلا على تفاصيل المناهج الدراسية ،لكنني أعتقد أن ثمة حاجة لتدريس مساقات أكاديمية مبسطة تتعلق بالثقافة الديمقراطية، وهنا تبرز أهمية الاشارة للعمل الحزبي كركيزة أساسية لترسيخ هذه الثقافة ،رغم إحباط الكبار من فشل التجارب الحزبية ،على كثرة عدد الأحزاب التي أصبح يزيد عن «50» حزبا مرخصا ونحو عشرين قيد التأسيس، وهو فشل له أسبابه المتعلقة بالنظرة السلبية للعمل الحزبي، الناتجة عن مرحلة حظر النشاط الحزبي.
ولا يكفي التنظير عن ضرورة ترسيخ مبدأ تداول السلطة ،من خلال الوصول الى حكومات برلمانية ، فتحقيق مثل هذا الهدف له أدوات، أهمها وجود حياة حزبية نشطة، وفشل تجربة تشكيل الكتل البرلمانية في مجالس النواب المتعاقبة خير دليل على ذلك، لأنها كتل تتشكل على أسس شخصية ومصلحية مؤقتة قبيل انعقاد البرلمان، في إطار التحالفات لخوض معركة رئاسة المجلس وانتخاب اللجان، ولأنها كتل تفتقر لغطاء حزبي وبرامج محددة تعمل لتحقيقها، سرعان من ينفرط عقدها لأي سبب.
بدأت المقال بانتخابات الصغار، وانتهيت بالحديث عن قضايا أكبر، فهؤلاء الصغار هم جيل المستقبل، الذين سيكون منهم نواب وأعيان ووزراء وقادة الادارة العامة للدولة، وتربيتهم من خلال الممارسة الديمقراطية ، تقطع الطريق على «التوريث» السياسي ،وما يعتبره البعض حصر العديد من المواقع القيادية ،على من يتربون في بيئة سياسية عائلية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو