الخميس 2024-12-12 08:37 ص
 

ثقـافــة الغائب في السـيـاســة

10:50 ص

يتحرك السياسي الاردني في مواقعه المختلفة بوحي اللحظة السياسية وسط غياب المستقبل وممثليه عن طاولة الحوار وشوارع الحراك , فكل المشاريع السياسية المطروحة والحلول الاقتصادية القائمة او موضوع البحث , تناقش اللحظة الراهنة دون ادنى تفكير بالغد وبأجياله التي سترث ما نصنعه , من قضية الغاز الى مشاريع قوانين منظومة الاصلاح السياسي والاقتصادي وقوانين الامان الاجتماعي من ضرائب وضمان واستثمار وتشجيع عليه .اضافة اعلان

جيل الشباب الحالي غائب عن طاولة الحوار رغم حضوره في شوارع الحراك , اليافعون غائبون بدورهم عن طاولة الحوار ناهيك عن اعداد كبيرة من جيل الطفولة لا يجد من يتحدث عنهم الآن , ورغم ان الغائبين يمثلون اكثر من 62% من مجموع الاردنيين حاليا الا ان عجلة الحوار تدور وكأن الزمن الاردني سيتوقف عند الجيل الحاضر الذي يفكر بأنانية مطلقة لتمرير ايامه دون حساب المستقبل وما سيتركه للاجيال القادمة ولعل مناقشة قانون الضمان الاجتماعي كانت نموذجا لانانية الجيل الحالي الذي يريد ان يعيش اللحظة براحة حتى لو حرق كل الموارد والقوارب .
في قضية الغاز او الطاقة بشكل عام ولكن الغاز نموذجا لشكل الحوار , نناقش اللحظة الراهنة ونطرح حلولا انية دون قراءة تداعياتها على المستقبل , وهل المليارات التي سندفعها ثمنا للغاز كافية لانتاج موارد طاقة تشكرنا عليها الاجيال القادمة ام ستجد الاجيال القادمة خزائن خاوية وموازنة منكوبة ومرهونة ؟ ثمة مشاريع للطاقة تحتاج الى كلفة اقل نسقطها من حساباتنا لاننا نفكر في اللحظة الراهنة , فالصخر الزيتي موجود على اعماق تقارب اعماق اساسات وقواعد النازل التي تحفرها الاليات المتوفرة لدى المقاولين غير المصنفين حتى , وثمة تحويلات صغيرة في المولدات يمكن بموجبها ان تعمل على هذا الصخر المتوفر ونفر الطاقة بموارد اردنية ونوفر مليارات العملة الصعبة .
في الاقتصاد يفكر دافع الضرائب باللحظة الراهنة وما سيخرج من جيبه الان دون تفكير بأجيال قادمة تحتاج الى بيئة جاذبة للاستثمار وبيئة خالقة لفرص العمل , فتجده يسعى بكل ما اوتي من قوة لتوفير امواله في الخزائن , وبمقابله تسعى الخزينة الى حلب اخر دينار لتمرير موازنة العام الحالي حتى لو ادّى ذلك الى هروب الاستثمار وتخريب بيئة الجذب كله , ويمكن قراءة هذا الواقع وسحبه على كل المشاريع الاخرى من خدمات وصحة وتعليم والقائمة تطول في تجريف البيئة الراهنة وتوريث خرابة للاجيال القادمة , ولا يفكر الجميع في ضبط الايقاع الوطني قليلا لنصل الى بر الامان .
في السياسة واصلاح بيئتها يفكر الساسة في تأبيد وجودهم ويفكر النواب في قوانين تجعلهم قادرين على تكرار التجربة مرة تلو الاخرى حتى لو ادى ذلك الى ان يذهب الى صناديق الاقتراع بضعة الاف من مريدهم وعوائلهم فقط , فكل نائب يحاول تكريس القانون الذي فاز بموجبه وكل سياسي يسعى جاهدا لكي يبقى في منصبه حتى لو عمّ الخراب الدنيا بعد رحيله , فالمهم تأبيد القائم واستثمار اللحظة الراهنة الى اخر قطرة من وقت ومن وظيفة .
الدولة يجب ان تكون ممثلا للاجيال الغائبة عن طاولة الحوار وشوارع الحراك , فلا ترضخ للموجود على حساب الغائب , ولا تتعامل بمنطق الغائب ليس له نائب , فهي التي ستدفع الثمن وهي التي سيحاكمها الجيل القادم والاجيال اللاحقة , وعليها ان تفكر خارج الصندوق وان تطرح برنامجا تقشفيا حقيقيا وان تستثمر الموارد الموجودة وتوفير كل قرش لاستثماره في مواردنا الكثيرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا , واولها الطاقة وتوفير البيئة الجاذبة للاستثمار والمفتوحة على الانجاز والابداع وخلق بيئة سياسية جاذبة لاجيال الشباب كي تساهم في صناعة مستقبلها .
 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة