التطورات المتسارعة والسباق المحتدم بين القوى العسكرية في بادية الشام وعلى المقربة من حدودنا الشمالية يؤشّر على تزايد الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة، بخاصة تلك الواقعة بين بلدة التنف الحدودية (الحدود العراقية- السورية- الأردنية) وبادية الشام من جهة ثانية.
للمرّة الأولى يجتاز الجيش النظامي السوري وحلفاؤه من الميليشيات المسلّحة خطوطاً عديدة نحو الشرق من تدمر، ويسيطرون على قرى عديدة في ريف حمص، ويسابقون الوقت للوصول إلى الحدود العراقية- السورية والسيطرة عليها، وتشير بعض التحليلات العسكرية إلى أنّهم بالفعل تمكنوا من السيطرة على بلدات ما يسمى 'بادية الشام'.
على الطرف الآخر تحاول ميليشيات المعارضة المسلحة السيطرة على المناطق التي انسحب منها داعش، في ريف السويداء، وتتنافس مع القوات السورية على تلك المناطق، بخاصة المجاورة للتنف.
بالرغم من أنّ معبر التنف، وبلدته، الواقعة في أقصى الحدود الجنوبية الشرقية، بمثابة موقع محدود صغير، بلا أهمية استراتيجية تاريخياً، إلاّ أنّه أصبح اليوم في نظر الأطراف المختلفة أحد أبرز المواقع الاستراتيجية في التنافس الدولي والإقليمي في سورية، وقد تمكّنت القوات الأميركية والمعارضة السورية من السيطرة عليه، من تنظيم داعش، وتحويله إلى قاعدة عسكرية صغيرة للتحضير للعمليات وكمركز تحكم لمراقبة المناطق الشاسعة الممتدة في الجوارين السوري والعراقي.
بالنسبة للأردن، أيضاً، فإنّ 'التنف' موقع استراتيجي، لأنه في الشمال الشرقي من منطقة الركبان، التي تضمّ أكثر من مائة ألف لاجئ، مع وجود قناعة لدى عمان بأنّ المخيم تحول إلى 'محطة استراحة' لعائلات وعناصر تنظيم داعش، وستسهّل السيطرة عليه – أي التنف- مهمات عسكرية عديدة في مراقبة الصحراء والبادية وتحجيم خطر داعش، بعد اندلاع معركة الرقة وفرار عناصره.
إلاّ أنّ هنالك محدودية في أهمية التنف حالياً، ما قد يدفع إلى سيناريو توسيعها وتكبيرها وتحويلها إلى قاعدة عسكرية كبيرة محصّنة، ومركز للمراقبة والتدريب والأعمال اللوجستية والأمنية، في سياق 'التنافس العسكري الاستراتيجي' في الجوار.
ما هي أهداف الأطراف المختلفة من التسابق على هذه المنطقة؟ ولماذا أصبحت فجأة موقعاً استراتيجياً تتنافس عليه، وتتجه نحوه بدلاً من الحديث عن إدلب التي ما تزال تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، التي تعدّ بالنسبة لكلا الطرفين، الأميركي والروسي إرهابية؟!
الأمر مرتبط بتحول الاستراتيجية الأميركية في سورية، مع الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، الذي أعاد تعريف المصالح الأمنية بجعلها مزدوجة، مواجهة داعش وتحجيم النفوذ الإيراني، ما أدى إلى تفكير القوات الأميركية بقطع الطريق على بناء المجال الحيوي الاستراتيجي من طهران إلى البحر المتوسط، وتأتي هنا أهمية المناطق الحدودية السورية- العراقية، من التنف إلى البوكمال وصولاً إلى دير الزور.
وعلى الطرف الآخر، فإنّ الإيرانيين أصبحوا يدركون المقاربة الأميركية الجديدة، لذلك حرّكوا قطاعات من الجيش السوري والميليشيات نحو الحدود العراقية والسورية، والسيطرة على مناطق بادية الشام، كي لا تتحول إلى منطقة نفوذ أميركية تضغط على دمشق وريفها، وفي محاولة لإنقاذ فكرة 'البدر الشيعي' على حد تعبير أحد المسؤولين الإيرانيين.
من زاوية ثانية من يسيطر على هذه المناطق يصبح أكثر قرباً من دير الزور، إذ أنّ هنالك تنافساً اخر على 'تركة الرايات السود' في هذه المحافظة، بين القوات المدعومة أميركياً والنظام السوري وحلفائه.
هذا وذاك من أجل اللحظة التي يعود فيها الأطراف للجلوس على طاولة المفاوضات لاحقاً، وعدّ الأوراق الرابحة والخاسرة في جعبتهم، لكن إلى حين ذلك هل يمكن أن تنفلت الأمور وتتطور المواجهات غير المباشرة الحالية في البادية وترتفع وتيرتها إلى دخول شبه مباشر للقوى الإقليمية والدولية؟!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو