الأحد 2024-12-15 01:21 م
 

"حرب اقتصادية" أم خلل .. ما الذي يحدث لاقتصاد تركيا ؟

10:53 ص

يقول الكاتب التركي سيركان دمرطاش في مقال له، إن تركيا لم تعد دولة ذات حظوظ للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لأنها تخلت عن الإصلاحات الديمقراطية، فيما تدهورت صورتها في الخارج بشكل كبير، واتخذت نهجاً تصادمياً مع العديد من الدول والمؤسسات الغربية البارزة.

ويرى أنه على الصعيد الاقتصادي، فقدت تركيا فرصة كبيرة خلال العقد الماضي من خلال تفضيل النمو الاقتصادي قصير المدى عبر تعزيز قطاع التشييد والبناء، وتم إنفاق مليارات الدولارات على مشاريع بناء ونقل ضخمة، في حين تمت خصخصة عشرات المصانع التي تديرها الدولة وإغلاق مشاريع أخرى، غير أن ذلك لم يفعل سوى القليل لتحسين الإنتاجية، وهو المصدر الرئيسي للنمو الاقتصادي على المدى الطويل، وارتفاع مستويات المعيشة.

لكن لعل نقطة التحول الأبرز التي أدت إلى هذا التغيير الحاد للمسار، تمثلت في استبدال نظام الحكم، حيث باتت تركيا فعلياً تحت حكم نظام رئاسي يسيره أردوغان، الذي ظفر بولاية رئاسية 'بحلة جديدة' عقب انتخابات 24 يونيو، في وقت غالباً ما ينظر إلى النظام الرئاسي من قبل الغرب كمقدمة لترسية 'نظام الرجل الواحد'.

المشكلة تكمن في كون هذه الآلة الحكومية الجديدة شديدة المركزية لا تزال في طور التشكّل، ما زرع الكثير من الشكوك حول كيفية عملها، وما إذا كانت ستتمكن فعلاً من حل المشاكل الاقتصادية والسياسية والأمنية الحالية.

اضافة اعلان

والواضح لحد الآن أن النموذج الجديد فشل في إقناع الأسواق الدولية بشأن مستقبل الاقتصاد التركي، وإيجاد الحلول الدبلوماسية الضرورية لأزمة ثنائية قائمة مع الولايات المتحدة. هذا الفشل قصم ظهر العملة التركية وأدخلها في موجة هبوط مستمر، مع غياب إشارات مقنعة على أي تعافٍ قريب.

وبحسب الخبراء يعتبر عامل الثقة أساسياً في دعم أداء العملة، ما يجعل أي ضربة خارجية كـ'رسوم ترمب' محدودة التأثير. والدليل على ذلك ما حدث لليورو واليوان عقب فرض القيود الجمركية الجديدة من قبل الإدارة الأميركية، فلم تشهد العملتان سقوطاً حراً كالذي عاشته الليرة خلال ساعات قليلة فقط من خطاب لأردوغان وتغريدة لترمب يوم الجمعة الماضي، الذي فقدت فيه 18%.

منذ بداية العام، خسرت الليرة التركية أكثر من 40% من قيمتها، فيما ارتفعت تكلفة التأمين على الديون التركية إلى أعلى مستوياتها منذ 2009، في ظل تدافع شديد لبيع الليرة والسندات السيادية والمصرفية التركية، ما جعلها تتخطى تكلفة التأمين على ديون اليونان التي شهدت أسوأ أزمة مديونية إبان الأزمة العالمية.

وتقدر ديون تركيا للبنوك الأجنبية بنحو 224 مليار دولار، وفقاً لبيانات البنك الدولي للتسويات، بينما كشفت بيانات المركزي التركي بلوغ العجز مستوى قياسياً في الربع الأول من العام الحالي بلغ 96% على أساس سنوي.

وتعرضت الأصول التركية لضربة عنيفة عقب تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة بسبب أزمة قس أميركي تحتجزه تركيا، إلا أن أنقرة تميل إلى تحميل الغرب مسؤولية شن 'حرب اقتصادية' ضدها.

يقول العديد من المستثمرين إن الاقتصاد التركي الذي يبلغ حجمه 900 مليار دولار، كان يتجه بالفعل نحو الهاوية حتى قبل القرار الأميركي بمضاعفة الرسوم على صادرات تركية. فسنوات من الانحياز لسياسة 'النمو بأي ثمن' جعلت شركات البلد مثقلة بديون بمئات المليارات من الدولارات، وأطلقت العنان لتضخم جامح بلغ 15%، كما خلفت عجزاً في الحساب الجاري من ضمن الأكبر عالمياً تمت تغطيته بتعظيم الاستدانة.

واليوم أعلن المركزي التركي أنه اتخذ سلسلة تدابير لدعم الاستقرار المالي متعهداً بتوفير السيولة اللازمة للبنوك العاملة في البلاد، فيما حاول وزير المالية، صهر أردوغان، براءت البيرق، طمأنة الأسواق بأن بلاده أعدت خطة عمل وستبدأ مؤسساتها في اتخاذ الإجراءات الضرورية، صباح اليوم، لتهدئة مخاوف الأسواق المالية.

ويرى دمرطاش أن النموذج الاقتصادي الجديد الذي أعلنه وزير المالية التركي الجديد، خطوة إيجابية من جانب الحكومة التركية، لكن من الواضح أيضاً أنه ينبغي دعمها بإصلاحات هيكلية صارمة تؤدي إلى الانضباط المالي. والأهم من ذلك هو إقران النموذج الاقتصادي الجديد بنموذج ديمقراطي جديد أيضاً، ويضيف: 'لقد حان الوقت - قبل أن يفوت الأوان - لكي تدرك الحكومة أنها لا تستطيع كسب هذه الحرب الاقتصادية المزعومة بنفس الوصفة التي طالما استخدمتها.. لكن، أولاً وقبل كل شيء، يجب أن نتخلص من 'أزمة برونسون' في أسرع وقت ممكن'، في إشارة إلى القس الأميركي، الذي أشعل اعتقاله في تركيا فتيل الأزمة بين واشنطن وأنقرة.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة