من سمع خطاب وزير المالية د. عمر ملحس يظن أنه يتلو على مسامعنا 'حزورة' جديدة، فقد ذكر بالحرف أنه خصص 171 مليون دينار للدعم النقدي المقدم للأردنيين، وحدد معايير تقديم الدعم للأسرة بحيث يقل دخلها عن ألف دينار شهريا، وغيرها من المعايير.. لكنه لم يقل لنا مقابل ماذا وعلى المستمع أن يخمن ما هي مقاصده؟
ما لم يقله الوزير؛ أن الحكومة انقلبت على وعودها بخصوص شمول جميع الأردنيين بدعم الخبز، مثلا، كما لم يحدثنا عن ماهية السلع التي تنوي رفع الدعم عنها مقابل تقديم الدعم النقدي، فلم يذكر صراحة أن الحكومة قررت، مثلا، رفع الدعم عن الخبز، وربما تفكر في رفع أسعار الكهرباء والمياه، وزيادة ضريبة المبيعات على قائمة طويلة من السلع والخدمات.
أغفل ملحس توضيح الصورة كاملة، وذهب إلى مبدأ 'التحزير' والتعميمات في الجمل والحديث بأفكار يمكن أن تقولها اليوم وأمس وبعد غد، وأيضا قبل عشرة أعوام، ولم يواجه الناس بحقيقة ما تفكر به الحكومة، كما أنه تجنب التأكيد على وعود الحكومة السابقة بعدم المس بالإعفاءات الممنوحة بموجب ضريبة الدخل، رغم أن بند الإيرادات من ضريبة الدخل يشي بأن تعديل بنود إعفاءات الأسر والأفراد من ضريبة الدخل غير وارد.
الوزير تقصد تلك التورية في الحديث، والقصة ليست خطأ، بل 'تكتيك' مطلوب حتى لا يكون خطابه مستفزا لشعبية النواب المنصتين لكلامه، وللناس أيضا، بيد أن تجنب ذكرها لا يعني أنها غير موجودة.
على كلٍ، يمكن أن تكتب مقالات في قراءة تفاصيل الموازنة العامة وتحليل خطاب الوزير، ولكن تبقى هذه القضايا تفصيلية أمام سؤال واحد كبير: هل تقول لنا موازنة العام المقبل إننا نسير في الاتجاه الصحيح؟ ومن خلال الاطلاع على توزيع النفقات، هل تستطيع الأرقام، إن نطقت، إخبارنا أن ثمة مشروعا اقتصاديا وطنيا طبخ على نار هادئة في الغرف المغلقة، وعكسته الحكومة في خطتها المالية؟
بالعودة إلى السؤال الأول، فإن كان الجواب بالإيجاب، فكل ما بعد ذلك يهون، فكل القرارات قابلة للتمرير إن أقنعت الحكومة الناس أن بعد كل هذه القسوة ستكون هناك نتائج طيبة وضوء في آخر النفق، ولو كانت الإجابة مطمئنة للمتلقي لكنا قلنا إن الإصلاح الحقيقي بدأ، وإن كلف القرارات القاسية ستعوض حينما يبدأ الناس يلمسون نتائج الانتعاش، وبصراحة لا أعلم كيف سيكون ذلك بنسب نمو متوقعة لا تتجاوز 2.5 %!
حسم الإجابة على السؤال السابق سريعا ممكن بالنظر إلى هيكلة الموازنة والمؤشرات التي تستهدفها، فالموازنة لا تختلف كثيرا عن تلك التي سبقتها، وكذلك فإن نتائجها في نهاية العام المقبل لن تختلف كثيرا عما نحن فيه اليوم إن لم يكن أسوأ.
في ظل غياب الرؤية الشاملة، لا يتوقع أن نشهد بناء مختلفا، إذ لم يتغير شيء في العقلية الرسمية حتى نتوقع تغييرات جوهرية في الموازنة، لكن ذلك لا يمنع أن العرض المسرحي لمناقشة الموازنة سيبدأ وسنشاهد ونسمع الكلام نفسه، ونظرا للعلاقة بين الحكومة والنواب وما يحكمها، فإننا نتوقع أن تمر الموازنة كما جاءت من الدوار الرابع.
الموازنة ستقر، وهنا ينتهي دور وزير المالية، ويبقى أن نعرف ما تخطط وتفكر به الحكومة لتنفيذه من خطتها في الإصلاح الشامل، وتحديدا الإداري، رغم أن الإشارات تقول إن الرئيس وشعاره في واد وفريقه المعني بالتنفيذ في واد آخر.
ما لم يقله ملحس، قضايا على الحكومة شرحها وتبريرها، علها تقنع الناس بها وتؤسس لمبدأ المكاشفة والمصارحة الحقيقي!
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو