يبذل رئيس الوزراء وحكومته جهوداً ملحوظة، في الأسابيع الأخيرة، في التواصل مع الرأي العام، عبر اللقاء مع هيئات اقتصادية وممثلي المجتمع المدني، والكتل النيابية، ونخبة أكاديمية، في محاولة لشرح أبعاد السياسات الاقتصادية الجديدة وضرورتها للرأي العام.
وبالرغم من التطمينات الحكومية بأنّ القرارات والسياسات، بخاصة تغيير آلية الدعم للخبز، لن تمسّ الطبقة العريضة من الشارع، فإنّ المزاج العام - الذي أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي هي المنبر الرئيس الذي يجري جسّ نبضه من خلالها- لم يتغيّر، ويقابل الجهود الحكومية بخطاب مسكون بالسخرية والرفض!
خلف المشهد، في الكواليس، فإنّ المسؤولين يلقون باللائمة على المواطنين، ويتساءلون كيف يمكن إقناع الناس بأنّ عليهم أن يغيّروا سلوكهم الاستهلاكي ورؤيتهم للوضع الاقتصادي، وأن يقتنعوا بأنّ هنالك إمكانيات محدودة للدولة، وأنّنا أمام تحديّات حقيقية.
بمعنى أنّنا لسنا فقط أمام مزاج اجتماعي سلبي، بل أيضاً رسمي سلبي، وإن كان غير معلن، لكنّه متداول في الحلقات المغلقة والضيقة، وهذا المزاج الرسمي هو فقط للتغطية على الفشل في الوصول إلى الشارع والاتصال معه، لأنّ السياسي، أيّاً كان التبرير والتفسير، المفصول عن الشارع، هو سياسي ومسؤول فاشل، وأي لعبة سياسية لا تؤطّر الشارع والحكومة والمجتمع المدني معاً في إطار واحد، هي لعبة خطيرة وغير آمنة!
إذاً، وبدلاً من الاكتفاء بالتلاوم، والقبول بمنطق 'حوار الطرشان' بين المسؤول والشارع، من الضروري أن يفكّر المسؤولون في الأسباب الكامنة لما وصلنا إليه، وأن يعيدوا النظر في الفجوة العميقة المتجذّرة بين الدولة والشارع (التي كشفت عن أوضح صورها في الاستطلاع الأخير، الذي أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية بعد مرور عام على حكومة الملقي)، وفي أولويات الحكومة المطلوبة لردمها، وهي أولويات وضرورات لا تقل أهمية عن تأمين الـ500 مليون دينار للموازنة، وفقاً للتفاهمات مع صندوق النقد الدولي؟!
هل المشكلة هي في تصميم الرسالة السياسية والقنوات الاتصالية بين الحكومة والمواطنين؟ قد يكون ذلك صحيحاً جزئياً، فهنالك اختلالات في بناء الخطاب السياسي، لكنّ ما هو أهم من ذلك إعادة التفكير في القنوات الحيوية والحقيقية للعلاقة بين الشارع والحكومة، وهي التي ضعفت وتراجع دورها، ما خلق الأزمة الراهنة.
أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي هي البديل لدى المواطنين الذين لم يعودوا يعبأون بالاستماع إلى الخطب الرنّانة في البرلمان، ولا انتظار بيانات أحزاب المعارضة، ولا ترقب مقالات قوية في الإعلام، ليس فقط لأنّ العالم تغيّر وثورة الاتصالات قلبت المفاهيم السياسية بصورة كبيرة، وإن كان ذلك صحيحا، لكن – أيضاً- لأنّ هنالك تجريفاً للملعب السياسي الواقعي!
المعارضة السياسية النشيطة، والبرلماني الكارزمي والمناظرات الإعلامية الساخنة، هي ضمانات حقيقية وضرورية لحماية قواعد اللعبة السياسية وترصيص الملعب السياسي وازدهاره، بدلاً من اللعب خارج الميدان وفي الشارع!
إذا كنّا بالفعل جادّين وصادقين في الاعتماد على أنفسنا في المستقبل، وفي نقل المواطنين إلى مرحلة جديدة تقوم على ثقافة الإنتاج والعمل، وعدم الركون إلى الدولة والوظيفة، ولدينا خطط حقيقية في إعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية، لمواجهة المرحلة الجديدة، فإنّ المرحلة ذاتها تقتضي، أيضاً، إعادة هيكلة العقلية الرسمية، لتؤمن بأنّ عبور هذا المنعرج التاريخي، داخلياً وخارجياً، يتطلب تفعيل جسور العلاقة بين الحكومة والمجتمع، وتنشيط المؤسسات السياسية والإعلامية.
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو