مهما طالت الحروب واشتدت النزاعات لا بد وأن يجلس أطراف النزاع على طاولة واحدة للحوار ثم الاتفاق على مبادئ الصلح أو حتى شروط الاستسلام ، لذلك يعاني البشر دوما من الحجم الهائل لنزاعاتهم ويتفاجأون بسهولة الجلوس للتفاوض أو للحوار ، ومن هنا تبرز مسألة السلم كحاجة لا كترف ، فكثير من الأمم والشعوب دفعت ثمنا باهضا لحالة السلم الأهلي أو السلام الإقليمي ، حتى أن أوروبا التي نعرفها بكل فخامتها وسلمها الاجتماعي اليوم ، قد دفعت ثمنا تجاوز 50 مليون إنسان هي نتيجة الحرب العالمية الثانية ، فهل نحن بحاجة لا قدّر الله الى حرب دامية لنعرف قيمة الحوار العاقل والسلم الأهلي والمنطق في معاملة الدولة للمواطن والعكس !
الجمعة الماضية لم يخيّب أحد في المظاهرة الضخمة بوسط البلد ظننا بأن الجميع أحرص على سلامته وسلامة وطنه ، لذلك لم يكن رجال الأمن العام أقل حرصا على سلامة المشاركين في المسيرة من المشاركين أنفسهم ، فقد ظهر واضحا الجهد الكبير الذي بذله رجال الأمن بكافة رتبهم حتى تحول وجودهم الى عملية تنظيم لا حماية كما كان يشاع في مرحلة ما قبل الفعالية ، وتشارك رجال السير والشباب المنظمون للمسيرة في تسهيل عملية المرور في منطقة وسط البلد ، ما يعني الحاجة الملحة لتعزيز الثقة بين المواطن ورجل الأمن ، لا الاستعداء والاختباء وراء أحقاد وهمية غير موجودة في قاموس مجتمعنا ، ليحقق الناس أمنهم من خلال حرصهم !
ودون الخوض في السوابق واللواحق للمسيرة وما جرى خلالها ، فإن على الآباء ومن بقي من الأجداد أن يشرحوا بصدق لأبنائهم وأحفادهم ، ما معنى أن تكون أمينا على نفسك وأهل بيتك وبيتك ومالك الخاص ، وما هي الظروف التي عاشها الآباء والأجداد في ظل افتقاد طارئ لسلطة القانون ولمظلة الأمن في الشارع ، وأن لا يسمع الشباب المليء بعنفوان العضلات الأصوات الشاذة التي تقول ان الأمن لا يطعمنا خبزا ، بل أن الأمن وحده هو من يحمي الخبز الذي يحتاجه الإنسان ، حتى لا تبقى قلقا على ابنتك وهي عائدة من جامعتها ، أو على أسرتك وهي في بيتها ، ولنتذكر متلازمة الخبز والأمن في قوله تعالى « الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» . .
ما يقلقنا كمراقبين نفكر لا نكرر ما نسمع ، ونستبط آراء للمصلحة العامة وقد نصيب وقد نخطئ ، ما يقلقنا هو حالة التعبئة الاستفزازية لدى أطراف عدة لا يمكن أن نضعها في قائمة الخائفين على أمن الوطن والمواطن رغم إعلانهم دوما أنهم حريصون على هذا الأمن بشتى أنواعه أمنيا بحتا كان أو سياسيا أو حتى غذائيا ، فهناك فرق بين الحرص والخوف ، فنحن اليوم أخوف ما نكون على هذا البلد ، لذلك لم استغرب حين يقول لي أحدهم قبيل المظاهرة : إذا صفع شخص شخصا آخر على وجهه ستشتعل شرارة لا يمكن ان تنطفئ ، ألهذا الحد نحن مستعدون لقتل بعضنا بعضا لمجرد صفعة ؟ أم وراء الأكمة ما وراءها ؟!
اعتقد أن أكبر نصيحة نوجهها للدولة برمتها أن تعيد ترتيب أوراقها ، وتنهج نهجا جديدا وتقوم بتحديث آليات تفكيرها وتعاملها مع الواقع ، فقد ظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود ، وبدا واضحا أن أدوات الماضي اهترأت ولم يعد بإمكان العربة القديمة ولا الحصان الهرم أن يوصلونا الى الغاية المرجوة ، والى هنا فلنقرأ حكمة الفاروق الخليفة عمر بن الخطاب حين قال : لا خير في قوم لا ينصحون ، ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين .
-
أخبار متعلقة
-
أفضل سيارات مازدا في استهلاك البنزين لعام 2018
-
الفاخوري يعلن تبرع بنك الأردن بمليون دينار أردني لصندوق "همة وطن"
-
توفيق فاخوري يدعم صندوق "همة وطن" بمبلغ نصف مليون دينار أردني
-
شاهد لحظة سقوط الطائرة الأوكرانية بعد اشتعالها في الهواء
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر – فيديو وصور
-
مدرسة الموقر ترسم أجمل منظر
-
بـرنامـج الـوكـيـل فـي إجـازة سـنـوية
-
حفرة امتصاصية في جرش .. خطرٌ يُهدد المواطنين و يُضر السياحة | فيديو