الأحد 2024-12-15 12:45 م
 

خارج التنظيم .. داخل حدود الوطن

05:24 م

كلمة مضى عليها سنوات كثيرة وما زالت تلصق في ذاكرتي,وتعيش في ذهني حينما سمعته يرددها,كنت صغيرا حينها ,فلقد جاءه مواطن يشكو اليه بان الكهرباء لا تصل الى بيته البعيد الجديد الذي بناه بعرق جبينه ولا يملك غيره,وبارض لا تدخل حدود التنظيم حسب مخططات البلدية وحدودها,وشكا المواطن اليه بان كل من راجعهم بذلك لم ياخذوا اي اعتبار اخر بالحسبان لرجل تلف الظلمة بيته وارضة الموحشة,وينام اطفاله على الشمع وبقايا القمر,صاحب الكلمة استلم الموقع وقرأ الملف والاسترحام,وبدون تفكير او تردد اشعل سيجارته غضبا,ليكتب بخط يده المشققة تعبا وفقرا,(تمدد له الكهرباء حيث ان الارض خارج التنظيم ,ولكنها داخل حدود الوطن),مقولة مشهورة وممزوجة بالاخلاص للوطن والاهل,ومكللة بانسانية لا يتقنها الا الرجال,رسخ بها الاستاذ مدالله الجعافرة رئيس بلدية الكرك المنتخب حينها,اسمى معاني المسؤولية الشريفه,حيث كان في حينها في العشرينيات من عمره,فهو ابن عائلة عريقة وخبرته لم تتجاوز حينها حدود الكرك,ليؤكد بان الرجولة لا تقاس بالعمر وبان الفراسة والانسانية لا تحسب بالسنوات.

لست بصدد ان اسرد سيرة ذاتيه لرجل بمواصفات هذا الشخص الذي تولى المسؤولية والخدمة العامة صغيرا,لكن العبرة والدرس من مقولته المعطرة هي رسالة موجهه الى كل مسؤول يحمل امانة موقعه ويحمل قلما يخط به حاجة مواطن ايا كان,واغاثة ملهوف مهما صغرت او كبرت حاجته,ضمن ضوابط القانون وتحت اعتبارات الانسانية وشرف الخدمة العامة,فبهذا التجاوب الايجابي من رجل بمواصفاته,اسس لحالة حب بين الدولة ومواطنيها , فقد جنب المواطن عناء التجوال والبحث والمعاناه,وجنب الدولة عناء غضب مواطن اردني له الحق في الماء والكهرباء وكل متطلبات العيش الكريم.

لو قرأنا جزءا من المشهد الاردني بما يحتويه من حالات عدم الرضا والغضب وشهوة الحراك,لوجدنا ان هناك اسبابا لا ذنب للمواطن فيها وانما صنعت من فئة تمترست خلف كرسي الموقع واوصدت ابوابها عن حاجة ذي الحاجة,وعن حق مظلوم,مما ينتج حالة من سخط خفي على الاجراءات يتم تفريغه في الشارع,وبوقت غير مناسب وفي الظروف الاستثنائية كالتي نمر بها,لتختلط الاوراق والمطالب بين المحرومين الصادقين وبين الطامعين الحاقدين,مما يجعل من النوع الاول مادة سريعة الانفعال,بسوء استغلال النوع الثاني لهم,وعلية ولتجنب هذه الحالة لا بد من وجود اجراء قانوني صارم وشديد بحق كل مسؤول يساعد في زيادة اعداد الغاضبين ويساهم في صنع الفوضى من خلال الاستعلاء والاستقواء على ابناء جلدته,وقبل ذلك لا بد من اجراء اختبار انسانية للمسؤول شبيهة باختبارات القدرة والذكاء,لنجده يحمل صفات مدالله الجعافرة صاحب القلب الطيب والعين الذارفة للدمع على كل قصة عناء وفقر وعصامية وقد شهدت موقفا له بذلك.

مدالله الجعافرة,منح حقا لا تسمح به الاجراءات,لكن الله يفرضه,والقانون يتمدد لاجله ليصبح اكثر مرونة,والرجولة تنفذه,لنحصل على باب مسؤول مفتوح ,وحق مواطن ممنوح,وهنا تصنع الشفافيه وتجسد الافعال مقولة الراحل العظيم الحسين رحمة الله,بان( الانسان اغلى ما نملك), لان الديمومة والبقاء والنمو كلها تحتاج الى مسحة كريمة وابتسامة عريضة وصدر وسيع,ولان المواطن لا يرجو الخير من متجهم متكبر,او ممن لا يرجى خيرهم.

ان كرامة المواطن,وحقة بالعيش امنا مطمئنا,مكتسبا لحقه,هو نهج الدولة والهاشميين منذ ان حظينا بهم كولاة امر وحتى الان,لكن تقصير بعض العاملين على اداء ذلك والمترفهين بثقة لا يستحقونها امر يستدعي اعادة النظر باسس اختيارهم وترقيتهم ومراقبتهم ومحاسبتهم,حتى يطمئن المواطن بان (الضعيف فيكم قوي عندي حتى ارجع عليه حقه, والقوي فيكم ضعيف عندي حتى اخذ الحق منه),لنسير بذلك مع منهج قويم يخطه جلالة الملك عبدالله اعز الله ملكه.

صاحب الكلمة,ليس من التاريخ البعيد,وهو اردني نشمي احب وطنه واهله,لم يقفز فوق القانون,ولا يعرف عنوان هيئة الفساد,ولم يسرق مقدرات الوطن,لكنه الف بين الدولة وابنها,وحفظ للمواطن ماء وجهه.

رسالة مدالله لا بد ان يستوعبها كل مسؤول اولته الدولة امانة الخدمة وشرف المسؤولية,وهي عبرة لكل ضمير حي,اما من لم يفهمها او لا يريد فهمها فعنوان مدالله واضح ,,وسادله عليه.

اضافة اعلان

[email protected]

عيسى عثمان المبيضين


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة