الأحد 2024-12-15 08:58 م
 

.. خطاب وحدوي!

08:08 ص

يعجبني طرح د. الغرايبة عن ضرورة «إنشاء خطاب وحدوي.. لا حزبي ولا ايديولوجي» لأن هناك حالة انقسام سياسي واجتماعي وفكري في بلادنا»!!.اضافة اعلان

وهذا الانقسام يعبر عن نفسه باستقطاب حاد حين يتحدث الواحد منا عن الاصلاح.. فيبرز الطرف الثاني لانكار وجود اصلاح اصلا. وحين يعلق احد على خطورة هذه الهجرات الكبيرة على بلدنا فيأتي الرد من الطرف الآخر: هذا بلد عربي يحق لكل عربي أن يختاره!!.
واذا اعتبر أحدنا أن توطين الفلسطينيين هو استيعاب للكارثة الفلسطينية وإخلاء طرف الاحتلال الصهيوني منها، فالرد جاهز: هذه إقليمية!!. وحق العودة مضمون والمطلوب أبناء الأردنيات للتجنيس لأن الدستور لم يفرّق!!. وإذا قيل: سوريا وحالة العنف التي وصل إليها المتحاربون!! تتحول القضية إلى: حق النظام في القضاء على الإرهاب، أو حق المواطن في تغيير نظام يستبيح شعبه!!.
.. طبعاً، هذا الانقسام في بلدنا قد يفسره البعض بأنه من طبيعة الحياة السياسية الحُرّة، ولكن كثيرين لا يجدون الانقسام جزءاً من الديمقراطية والحرية والشعور العام بالأمن والاستقرار!!.
ولعل الحدّة التي تصاحب هذا النقاش العام، وهي أفضل من كلمة انقسام، كان يمكن أن تؤدي إلى انفجارات وصدامات هنا وهناك.. فالكلام الحاد هو أول الحرب، لولا أن مؤسسة الدولة قوية بما فيه الكفاية لوضع الخطوط الحمر أمام هذه الحدّة، وكان أحد الحكماء الظرفاء حين يستمع إلى الخطاب الحاد يجيب بكل هدوء: يا شباب ما رأيكم بقدح من الماء البارد في هذا الحرّ؟!.
والدعوة إلى خطاب وحدوي، كما اقترحه د. الغرايبة، هو «مخرج نظري» الـThese والـ Antithese والمعروف بالـ Synthese. وهو المخرج الذي لا يلغي الطرح ومضاده وإنما يحمل من صفات الاثنين، ليكون موقفاً مستقلاً وليس جزءاً من هذا وجزءاً من ذاك!!.
الخطاب الوحدوي هو تحديد مفهوم الاصلاح لإلغاء جدل الاصلاح الهيولي، أو لانكار وجود الاصلاح. وهو التعامل مع الهجرات الكثيفة لبلدنا دون فتح الأبواب على مصراعيها، ودون شوفينية ناتجة عن خوف على «الأقليّة الأردنيّة»، فالذي يريد أن يكون أردنيّاً حسب دستور الوحدة القديمة فله ذلك، لكن عليه أن يختار وطنه النهائي. أما حق العودة فحق أخلاقي لكنه لا يفترض اعتبار المواطنة الأردنيّة مؤامرة على حق العودة، واقتسام وظيفي مع إسرائيل أو الخيار الأردني!!.
لقد ترك النظام للجميع فرصة التكيّف مع الظروف والقناعات الفردية. وهذه من مؤشرات قوة النظام وليس مؤشرات ضعفه. وحين قرر النظام «فك الارتباط» مع الضفة لأنه وجد في نضال الشعب الفلسطيني قوة قادرة على اقامة الدولة، فإن ذلك كان مفهوماً لدى أكثرية الناس.. لكن هناك من لا يريد أن يفهم، لأنه يريد وضع «أوراق اللعبة» في جيبه!!.
هناك انقسام: نعم!! فلا أحد في الأردن يريد إغلاق الحدود في وجه اللجوء السوري، ولكن من الصعب على الأردني اعتبار اللاجئ السوري المُطارد في بلده أنه إرهابي!!. ومن الأصعب إعطاء النظام مبرراً لهذه الجرأة في القتل والتدمير. والأصعب هو قبول المنظمات المسلحة غير السورية التي تحاول السيطرة على المشهد السوري، سواء كان ذلك داعش أو النصرة، أو حزب الله وأبو الفضل العباس وعصائب الحق.
هناك من يناقش في حق النظام بالدفاع عن نفسه، وهناك من يعطي الحق للذين يقاتلونه. لكن هذا النقاش لا يقسم الاردنيين.. لأنه شأن سوري لا نجد أنه يشكل مادة انقسام سياسي أو اجتماعي أو فكري!!.
ندعو إلى خطاب وحدوي أردني، لا إلى خطابات نظرية في الوحدة الوطنية. فالوحدة الوطنية قائمة.. ودليلها هذا الهدوء والاستقرار والأمن.. وهذا النظام الذي يفتح الطريق إلى الاصلاح والتطور والتغيير.. وكل مصطلحات السياسة هذه الأيام!!.
الخطاب الوحدوي كما نفهمه هو الخروج من حالة التكلّس الحزبي والعقائدي إلى فهم متجدّد للعالم ولأنفسنا. فهناك أحزاب ما تزال تحمل قناعات الخمسينيات والأربعينيات من القرن الماضي. وهناك أحزاب جديدة تدير تحركاتها على طريقة «البزنس» ومن الطبيعي في هذه الظاهرة المتخلّفة أن نصل إلى الحال الذي وصلنا إليه!!.


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة