ذاكرة منفلتة تستحضر مقاطع عالية الجودة

الوكيل - ذاكرة رسم منفلتة من عقالها تستحضر مقاطع بجودة عالية من سيرة الماضي بتلك الوجوه والقصص المنسوجة بمعاجين المشاعر الإنسانية شديدة الدراية بالمحيط.اضافة اعلان

نسمات الشتاء، حرارة واصفرار سماء حقول الشعير المنتشرة في منطقة (السكت) على أطراف المدينة و الأسواق العامة، مقهى (سينما العايب) ومحطة الحافلات القديمة (الكوريرة)، أزقة المقاوبة تنعكس فيها ظلال بنفسجية شفافة يعلوها شروق القمر في سمائها حالكة، يمشي تحتها سائر الفجر، شخصيات مختلفة كانت تعيش في عزلة الوقت، حقول النخيل المنتشرة في (القاعة) والممتدة إلى شواطئ بحر جنات مرورا بـ (الغلبان وقوز المنقوش وزرقه عين) في أيام الرياح الشديدة، جذوع النخيل المتراقصة على إيقاعات مرتبكة و أحذية عسكرية، عالة الشاهي، الجرة وأقفال بدون مفاتيح لأبواب مجهولة ومتعة النوم في ليال الشتاء الباردة للأطفال الإخوة ومتعة اللعب في باحة البيت كل هذه مفردات من ذاكرة مخبأة للأوقات الحرجة في اللاوعي للفنان مصباح الكبير ..
مواطن غاية في الحساسية خصوصا بمجتمعنا الليبي ومحيطه العربي لموضوعات المرأة وحريتها وتعليمها وعملها وطريقة عيشها بتحررها المبالغ فيه او إذعانها لواقع مغلق بأسوار التعصب الديني والفكر الراديكالي ومعاناة على مر أجيال وأجيال دون أي تغيير يذكر أو أي محاولة لفتح غطاء الجب المظلم عن عالمها المطمور في ردهات المجتمع المحافظ جدا، المنتبه إلى كل التفاصيل اليومية إلا هذا الموضوع فقد ركنه في زاويا النسيان المظلمة، فكانت هذه المجموعة الأخيرة من لوحات المتحجبات للفنان بمثابة شرارة ومضت في عالم النسيان لجلب الانتباه وفتح باب للتساؤلات المشروعة في إمكانية معالجة هذه القضية المهمة في بناء المجتمع والوطن.
ولد الفنان مصباح الكبير في منطقة المقاوبة بمدينة مصراتة الليبية سنة 1958 وتعلم الرسم بشكل شخصي، شارك في العديد من المعارض المحلية في كل من مصراتة وطرابلس ومن أهمها معرض ثلاثي مع الفنان عدنان معيتيق والفنان محمد لامين بقاعة دي فيلا بطرابلس 1998 ومعرض ثنائي بالمركز الثقافي الفرنسي بطرابلس 2002، له أعمال مقتناة في العديد من دول العالم ومن أهمها للسفير الفرنسي بطرابلس.