الأحد 2024-12-15 04:16 ص
 

«سِتّي» الختيارة

07:40 ص

لم اكتب عن جدّتي لأُمّي ،رغم أنها صاحبة الفضل عليّ بعد أُمّي في أنني «مازلتُ على قيد الكائنات الحيّة»،ولم «أنقرض».

اضافة اعلان


ستّي الختيارة،هكذا عرفتُها» سيدة عجوز،مطّلقة،تعيش وحدها في بيت صغير في أقاصي «مخيّم إربد «.تعتاش من عرق جبينها،حيث كانت « تتضمّن اراضي قرب «أم قيس»،وكانت تأتينا بثمارها في وقت ما من السنة.


كنتُ طفلا،أذهب اليها،وكانت خالاتي ـ قبل ان يتزوجن ـ،يعتنين بي.واحدة كانت تقلّم اظافري،واخرى تمشّط شعري،باعتبار ما كان.


وكانت مدرستي الابتدائية قريبة من بيت « سِتّي».ووقتها كنتُ في الصف الاول والثاني ابتدائي.
كنتُ اصغر إخوتي،وكنتُ الطفل « المدلّل». وكنتُ سعيدا بالبقاء عند « ستّي» ساعات واحيانا اياما.


وعندما كبرتُ بقيت صلتي بالمرحومة جدّتي ممتدة. وذات « اجازة جامعيّة»،اكتشفتُ أن جدّتي»خطبت لي» فتاة من بنات جارتها ..دون ان «تستشيرني» وحتى دون ان يعلم احد من أهلي. وعندما سألتها عن السبب وكيف فعلت ذلك/ردّت:شُفتها حلوة ومعدّلة وست بيت،فاعجبتني».


طبعا،لم اهتم بتلك الفتاة التي لم أرها اصلا،وكنتُ لا افكّر بالزواج،فالمستقبل كان «غامضا»،بل «غامضا جدا».
كانت جدّتي،تأكل مما تزرع . وتجني فلوسها مما تبيع من الثمار التي تعتني بها طوال السنة.وكانت تحرص على القيام بجولات سنوية الى بيوت بناتها المتناثرة في مدن ومحافظات المملكة.


فكانت تزور خالتي»ام حسيب» في الزرقاء» وقبلها كانت تذهب اليها عندما كانت تقيم بـ» الكرك»،وكنا نحن نسكن في « الرصيفة»،وكانت ثمة بنات في «اربد» في اماكن مختلفة.


وكنتُ استغرب كيف كانت لجدتي القدرة على حمل «المحاصيل من العدس والبرغل واحيانا ثمار القثّائيات مثل الفقّوس واليقطين والحاملة ملانة/الحمّص الاخضر والغضّ وتدور بالباصات من مدينة الى مدينة،كي تُطعم بناتها وابناءهن مما زرعت.


يا الله كم كنتِ كبيرة يا «ستّي».


قلتُ انني «مدين» لها بحياتي،فقد كنتُ في طفولتي،كثير المرض،وذات يوم،قال الطبيب لأُمّي:لا فائدة من علاجه،روحي ادفنيه احسن ما يغلبك لما يكبر».


رفضت أُمّي،وقامت جدتي بتلقين ذلك الطبيب»درسا» في الايمان بالله،وانه وحده «الشافي».
وها انذا أحقق مقولة جدّتي،ومازلتُ احيا،ولم انقرض.
حتى الآن ،على الأقل !!


 
gnews

أحدث الأخبار



 




الأكثر مشاهدة